الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم ترك مجالس الوعظ التي يتحدث فيها وعاظ من غير العلماء

السؤال

أدرس في السنة الأولى من الكلية، وعندنا يُقيم بعض الزملاء من السنة الثانية أو الثالثة (أكبر مني بسنة أو اثنتين) حلقات في المسجد يلقي فيها أحدهم مواعظ.
ما حكم الجلوس فيها، مع العلم أن من يتكلم -وإن كنت أحسبه على خير- ليس بعالم ولا أذمه.
ولكن السؤال: ما حكم الجلوس في حلقات ليست لعلماء؟
وهل من إثم في الإعراض عنها، كما في حديث النفر الثلاثة؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يبارك في هذه الصحبة الصالحة، وأن يزيدكم علماً وعملاً.

فقد ثبت في صحيح مسلم وغيره، عن أبي سعيد الخدري، قال: خرج معاوية على حلقة في المسجد، فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله، قال: آلله ما أجلسكم إلا ذاك؟ قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك، قال: أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، وما كان أحدٌ بمنزلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أقلَّ عنه حديثاً مني، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه، فقال: «ما أجلسكم؟» قالوا: جلسنا نذكر الله، ونحمده على ما هدانا للإسلام، ومنَّ به علينا، قال: «آلله ما أجلسكم إلا ذاك؟» قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك، قال: «أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، ولكنه أتاني جبريل فأخبرني، أن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة».

ولا حرج في حضور مواعظ لمن ليس من العلماء، ما دام يغلب على الظن أنه لا يتكلم إلا بما تعلمه من العلماء، ولا يفتي بغير علم، حتى لو اقتصر على قراءة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي يثبتها أهل العلم؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ».

والواجب على هذا المتكلم أن يراقبَ الله فيما يقول، وألا يقول إلا ما سبقه إليه أهل العلم المعتبرون.

ولتراجَع للفائدة الفتوى رقم: 297295، والفتوى رقم: 194901.

ومن أعرض عن مجالس الذكر خوفاً على دينه؛ لعدم ثقته بالمتكلم، مع ضعف تمييزه بين السنة والبدعة، أو لعذرٍ آخر، فلا شيء عليه إن شاء الله، ولا يدخل في الحديث الذي أشرت إليه.

فإنَّ ذلك المُعِرض إنما أعرض عن مجلسِ إمامِ العلماء صلى الله عليه وسلم، لم يُعرض عمّن يتهمه في علمه، ولم يكن أيضاً لعذرٍ آخرَ مقبول.

ولهذا قال النووي -رحمه الله- وغيره من أهل العلم: وهذا محمول على أنه ذهب معرضاً لا لعذرٍ، وضرورةٍ. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني