الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من قال لزوجته الحامل: فلانة طالق طالق طالق

السؤال

جزاكم الله خيرًا عن الإسلام والمسلمين.
يا شيخي، أريد أن أستشيرك بموضوع يخصني: أنا بالثلاثين من عمري، تزوجت منذ سنتين، حدثت خلافات بيني وبين أهل زوجي، ورغم المحاولة من قِبل زوجي لإصلاح الأمور لكنها تعقدت أكثر، وزوجي يحب والدته جدًّا ومتعلق بها، وهي كذلك تفضله على جميع أولادها، وهي مريضة بالقلب وأمراض أخرى -شفاها الله وعافاها وجميع مرضى المسلمين-، وزوجي يخاف عليها كثيرًا، تطورت المشاكل بيننا، فطلبت والدة زوجي منه أن يختار بيني وبين أهله ووالدته، وقالت له: "إن أنت اخترت زوجتك لن أسامحك بحقي عليك بالدنيا والآخرة، وإذا حدث لي مكروه -لا سمح الله- فالذنب ذنبك". فاتصل زوجي بأخي وطلقني ثلاثًا (بلفظ: يا فلان، أختك فلانة طالق طالق طالق) وكنت حاملًا، وعند ولادتي أخذوا الطفلة مني، ومنذ فترة عادت الاتصالات بيني وبين زوجي على أمل أن يوفقنا الله ويجمعنا لأنني أحبه، وهو أيضًا يحبني.
السؤال -شيخنا-: هل عقد الطلاق باطل؟ وإذا أراد أن يردني هل يحتاج إلى عقد جديد؟ وما هي الترتيبات؟
وأرجو أن تدعو لنا بالتوفيق، وأن يجمعنا الله برحمته، ومعذرة على الإطالة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالحكم في قول زوجك: ( .. فلانة طالق طالق طالق ) يتوقف على معرفة نيته بتكرار لفظ الطلاق؛ فإن كان قصد إيقاع ثلاث طلقات، وقعت الثلاث. وإن كان لم يقصد إلا طلقة واحدة، وكرر للتأكيد، أو لم ينو شيئًا محددًا، لم يقع إلا طلقة واحدة، وانظري الفتوى رقم: 231316.

وهذا على مذهب الجمهور الذي نفتي به، أما على قول بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- فلا يقع بهذه الألفاظ إلا طلقة واحدة؛ وانظري الفتوى رقم: 192961.

وبناء على قول الجمهور؛ فإن كان زوجك قصد إيقاع الثلاث وقعت، وبِنت منه بينونة كبرى؛ فلا تحلين له إلا بعد أن تنكحي زوجًا غيره -نكاح رغبة لا تحليل- ويدخل بك، ثم يطلقك، فإذا انقضت عدتك منه حللت لزوجك الأول.

وأما إن قصد بالتكرار التأكيد أو لم يقصد شيئًا فقد وقعت طلقة واحدة -كما أسلفنا- لكنك قد خرجت من عدته بوضعك لحملك؛ قال تعالى: وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ {الطلاق:4}، فلا يصح أن يرجعك إلا بعقد جديد مستوفٍ الشروط والأركان.

هذا؛ وننبه إلى أن الأم لا تجب طاعتها في فراق الزوجة إلا إذا كان ثمة مسوغ شرعي لذلك، وأن زواج الابن من الزوجة السابقة -التي خرجت من عدته- دون رضا أمه لا يجوز، إلا إذا كان سبب رفض الأم للزواج هو التعنت فقط، وليس لسبب مقبول.

وانظري الفتاوى التالية أرقامها: 17763، 69024، 108214.

ونسأل الله تعالى أن ييسر لكم الأحوال، ويوفقكم في الدنيا والآخرة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني