الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يثبت الخيار للمستأجر إذا طرأ عيب على الأجير

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم لدي عم يعمل فراشا في مسجد ولكنه مريض ومصاب بحالة نفسية ولا يقوم بتنظيف المسجد نهائيا وهو مع ذلك محتاج للوظيفة وراتبها ولا يستغني عنها سؤالي: هل بإمكانه توكيل أي شخص ليقوم بعمل الفراش بدلا عنه مع إعطائه مبلغا من المرتب واحتفاظه بالوظيفة باسمه؟ وهل يحق لجدتي -أم عمي- أن تأخذ مرتبه؟ والسلام عليكم ورحمة الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن العيب الطارئ على المستأجر (بفتح الجيم) يؤدي إلى انفساخ عقد الإجارة عند جماهير العلماء.
والمقصود بالفسخ هنا ثبوت الخيار للمستأجر (بكسر الجيم) في فسخ العقد.
قال البابرتي في العناية مع الهداية: تفسخ الإجارة بالأعذار عندنا، وعند الشافعي لا تفسخ إلا بالعيب.
وقال الدردير في الشرح الكبير لمختصر خليل وهو مالكي: وفُسخت الإجارة بتلف ما يُستوفى منه. ا.هـ
وقال الأنصاري في اسنى المطالب وهو شافعي: ولا تنفسخ الإجارة ولا تفسخ بعذر في غير المعقود عليه. ا.هـ
وقال البهوتي في كشاف القناع وهو حنبلي: وإن تعذر عمل الأجير فله -أي المستأجر- الفسخ لتعذر وصوله إلى حقه. ا.هـ
وبناء على ما سبق، فالواجب على عمك أن يخبر الجهات الرسمية المسؤولة عن عذره في عدم القيام بخدمة المسجد بنفسه، لأن الخيار للجهة الرسمية ثابت بهذا العذر كما مضى بيانه، ولا يصح أن يقيم غيره مكانه دون علمهم، لأن العقد أجري معه هو، وفي المدونة: أرأيت أن استأجرت أجيراً يرعى لي غنمي هذه فأتاني بغيره يرعى مكانه. قال -يعني الإمام مالك: لا يكون له ذلك، وإنما رضي أمانته رب الغنم، وجزاءه وكفايته، وأنه إنما استأجره ببدنه. ا.هـ
وبوسع عمك هذا أن يتقاعد لمرضه، والتقاعد يستمر معه الراتب، فإن لم يكفه فليطلب الزيادة من الجهات المختصة بإعانة كبار السن، وذوي الأمراض المزمنة التي يعجزون معها عن العمل، أما عن استلام جدتك لراتب عمك، فهو جائز إذا أجاز لها ذلك، أو كانت هي الوصية على ماله بتعيين من القاضي ونحوه، أما أن تأخذه بدون إذنه أو بدون وصاية، فهذا لا يجوز اللهم إلا إذا كانت محتاجة له للإنفاق فتأخذ منه بقدر حاجتها ولو لم يأذن، لقوله صلى الله عليه وسلم لهند بنت عتبة: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" رواه البخاري وغيره.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني