الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاجتماع لأهل الميت ممنوع من وجهين

السؤال

هل يعد الاجتماع للعزاء وخاصة أنه قد أخذ بُعدا اجتماعيا وليس عباديا وأصبح عادة وليس عبادة وتفرضه ضرورات الحياة حيث إن من طبيعة الناس التواصل والتراحم وخاصة في المناسبات الحزينة، فيأتون من أماكن بعيدة لتعزية المصاب، فإذا لم يجلس في بيته فكيف يعزونه، حيث إن من الصعب أن يبحثوا عن أهل الميت لتقديم واجب العزاء لهم، رغم كثرة المشاعل والتهاء الناس، وتباعد محالهم وما شاكل ذلك، أفلا ترون معي أن القول ببدعية هذا الأمر والتحريج فيه يؤدي إلى نوع كلفة وعنت على الناس؟؟ وهل البدعة تدخل في العادات أم فقط محصورة في العبادات؟ ولكم خالص الشكر والتقدير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالبدعة هي: طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله عز وجل.
هكذا عرفها الشاطبي رحمه الله في كتابه الاعتصام، مشيراً إلى أن البدعة لا تدخل في باب العادات.
لكن هذا الاجتماع لأهل الميت ممنوع من وجهين:
الأول: كونه محدثاً، وقد صرح بذلك غير واحد من أهل العلم، قال الشيرازي في المهذب: ويكره الجلوس للتعزية، لأن ذلك محدث، والمحدث بدعة. انتهى.
وقال ابن الهمام في فتح القدير: ويكره اتخاذ الضيافة من الطعام من أهل الميت، لأنه شرع في السرور لا في الشرور، وهي بدعة مستقبحة. انتهى.
وفي الفتاوى الهندية: ويكره الجلوس على باب الدار، وما يصنع في بلاد العجم من فرش البسط والقيام على قوارع الطرق من أقبح القبائح، كذا في الظهيرية.
وقال في كشاف القناع عن حكم هذا الاجتماع: نقل المروزي عن أحمد: هو من أفعال الجاهلية وأنكر شديداً، ولأحمد وغيره عن جرير وإسناده ثقات قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة.
ويكره الأكل من طعامهم. قال في النظم: وإن كان من التركة وفي الورثة محجور عليه، أو من لم يأذن حرم فعله، وحرم الأكل منه، لأنه تصرف في مال المحجور عليه، أو مال الغير بغير إذنه. انتهى
والوجه الثاني في منع هذا الجلوس والاجتماع: أنه داخل في النياحة المحرمة، فلو قُدر أن المجتمعين لا يقصدون التعبد باجتماعهم، فقد أتوا محذوراً آخر، كما في أثر جرير السابق.
وفي مصنف ابن أبي شيبة أن جريرا قدم على عمر فقال: هل يناح قبلكم على الميت؟ قال: لا. قال: فهل تجتمع النساء عندكم ويطعم الطعام؟ قال: نعم. فقال: تلك النياحة.
والحاصل أن أهل الميت ينبغي أن ينصرفوا في حوائجهم، فمن صادفهم عزاهم، ومن أتى دورهم للتعزية فلا حرج عليهم في استقباله حينئذ، لا أن يجتمع أهل الميت في دار، ولا أن يعطلوا أعمالهم وأشغالهم لاستقبال المعزين، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني