الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم طاعة الوالدين في إتمام تخصص دراسي لا يرغب فيه الابن

السؤال

سؤال ضروري: أنا شاب طالب في الجامعة، دخلت تخصصًا معينًا، كما يحب أهلي، ووصلت الآن لثلث الطريق تقريبًا (سنتين)، أبي يدفع عليّ النقود في الجامعة، وأنا لا أحب الدراسة البتة، وأحب العلم الشرعي، لكنني لم أتكلم مع أهلي في السابق وأقل لهم إنني لا أحب الدراسة، فأنا دخلت التخصص، لكني اكتشفت أنني أكره الدراسة كثيرًا، وضيعت الكثير من مال أبي في أقساط الجامعة تقصيرًا مني، وأبي غضبان عليّ من هذا العمل، لكني -يا إخواني- أكره الدراسة كثيرًا، والذي يلهيني دائمًا عن الدراسة هو تعلم العلم الشرعي. هل آثم إذا تركت الدراسة ولم أطع والدي في هذا التخصص؟ لأنني إذا بقيت فلربما أضيع مالهم أكثر من هذا؛ فلا أريد أن يخسروا المال عليّ، وأنا لا أحب الدراسة الجامعية، وسأفشل بها، ولا أدرس وأتخصص في الدِّين، وهنا إذا تركت الجامعة لن يسامحوني وسيغضبون عليّ لأنني ضيعت من مالهم ودخلت ثلث الطريق.
ماذا أفعل؟ ومن أين النجاة من غضب والدي؟ وهل آثم إذا تركت الجامعة أم أنني لا آثم حتى لو دخلتها في السابق؟
وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنشكرك على حرصك على تعلم العلم الشرعي، ولا شك في أن هذا من أعظم القربات، وسبيل لنيل رضا الله تعالى ودخول جنته، نسأله سبحانه أن يحقق لك ما تبتغي، ونوصيك بكثرة الدعاء.

وقد سبقت لنا عدة فتاوى بيّنّا فيها أنه لا يلزم الولد طاعة والديه في دراسة تخصص معين، فراجع على سبيل المثال الفتوى رقم: 213064. فلو أنك رفضت هذا التخصص ابتداء كان لك سعة في ذلك، ولكن بما أن والدك قد خسر عليك الكثير من المال، وقد قطعت هذا المشوار الطويل، فالذي يظهر -والله أعلم- أنه يجب عليك طاعته، وإكمال الدراسة، وتحرم عليك مخالفته؛ لأنه قد تعلقت بذلك مصلحة له، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية وإن كانا فاسقين، وهو ظاهر إطلاق أحمد، وهذا فيما فيه منفعة لهما ولا ضرر، فإن شق عليه ولم يضره وجب، وإلا فلا. اهـ.

ولعلك إذا بررت بوالدك وأرضيته أن يرضى الله عنك، ويعينك، ويفتح عليك من أبواب العلم الشرعي والفهم ما لا يخطر لك على بال؛ قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق3:2}، ورى الترمذي عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "رضي الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد".

ويمكنك أن تستغل أوقات فراغك، ولا سيما في الإجازة السنوية لتحصيل العلم الشرعي، وقد توفرت وسائله في هذا الزمان مع هذا التقدم التقني. ويمكنك مراجعة محور الصوتيات على موقعنا، وهو مشتمل على محاضرات ودروس لعلماء أفذاذ من أمثال الشيخين ابن باز وابن عثيمين، وغيرهما، رحم الله من مات، وحفظ من بقي حيًّا من هؤلاء العلماء. وعنوان الرابط هو: http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=Lectures

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني