الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استثمار أموال التبرعات المخصصة للأيتام في مشاريع قابلة للخسارة

السؤال

عندي منظمة خيرية لكفالة الأيتام، فآخذ التبرعات باسم الأيتام، وأجمعها، وأنفقها على عوائل الأيتام شهريًّا على جميع العائلات المسجلة لديّ، وهم نحو من 90 عائلة.
وبعد فترة من الزمن أصبح لديّ نسبة من المال الفائض من الرواتب الشهرية، فاستثمرتها بشراء سيارة أجرة يشتغل شهريًّا بالنصف حسب ما هو متعارف عندنا، وكذلك استثمرت الباقي في إيجار حصة من محل غسيل للسيارات، فهل يجوز استثمار المال في شيء قابل للخسارة، مثل: سيارة الأجرة -إذا صار حادث-، وكذلك بالنسبة لمحل الغسيل -إذا لم يكن هناك عمل فمن الممكن أن لا أسترجع مبلغ الإيجار-؟
والسؤال الثاني: هل يجوز لي كمدير للمنظمة، ومستثمر للمال أن آخذ نسبة من الربح؟ مع العلم أني موظف، وميسور الحال.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالسائل وكيل عن المتبرعين لهؤلاء الأيتام، فلا يجوز له التصرف في أموال التبرعات إلا بما يوافق شرطهم، فإن الوكيل إنما يتصرف في حدود إذن موكله، فإذا شرط شرطًا وجب الالتزام به.

وعلى ذلك؛ فإن كان للمتبرعين شرط في كيفية إنفاق تبرعاتهم، وجب الالتزام به.

وإن كانوا فوّضوا النظر في ذلك للقائمين على الجمعية، فلهم أن يتصرفوا في ذلك بما هو الأصلح للأيتام، ومن جملة ذلك استثمار الأموال الفائضة عن الكفالات، بما يحقق لهم المصلحة، بعد أن يستفرغوا وسعهم في اختيار السبيل الأمثل للاستثمار، فإن حصلت خسارة من جراء ذلك، فلا حرج عليهم، ولا يلزمهم ضمانها، ما داموا لم يفرطوا، ولم يقصروا في طريقة الاستثمار.

وأما قول السائل: (استثمار المال في شيء قابل للخسارة): فهذا شأن كل أنواع التجارات -أعني: التعرض للخسارة-، وإنما المطلوب هو التحري، والاحتياط، وحسن الاختيار، ومراجعة أهل الخبرة واستشارتهم.

وأما السؤال الثاني: فجوابه أن السائل ما دام ميسور الحال، فلا يأخذ شيئًا من أرباح هذا المال لنفسه، ما دام لم يفرض له القاضي، أو المتبرعون شيئًا، اعتبارًا بحال الولي، والوصي، فقد قال الله تعالى: وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ [النساء: 6]. وقال الحجاوي في زاد المستقنع: لا يتصرف لأحدهم -يعني: الصغير، والمجنون، والسفيه- وليّه إلا بالأحظ، ويتجر له مجانًا، وله دفع ماله مضاربة بجزء من الربح، ويأكل الوليّ الفقير من مال موليه الأقل من كفايته، أو أجرته مجانًا. اهـ.

وجاء في الموسوعة الفقهية: ذهب الفقهاء إلى أن الوصي الغني إذا لم يفرض له شيء لا يجوز له أخذ شيء؛ لقوله تعالى: {ومن كان غنيًّا فليستعفف}، ونص المالكية على أنه اختلف إن كان للوصي الغني في الوصاية على اليتيم خدمة، وعمل، فقيل: إن له أن يأكل بقدر عمله وخدمته له، وقيل: ليس له ذلك. اهـ.

وراجع للفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 301702، 109885، 126393.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني