الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الإساءة إلى الأم بسبب زواجها زواجا عرفيا بدون ولي ولا شهود

السؤال

لي أم مسنة عند زيارتها لأخي بالسعودية، وفي الحرم المكي تقابلت مع رجل يصغرها بثلاثة أعوام، وكان يقوم لها ببعض الخدمات، ثم حدث بينهما إعجاب وتزوجا عرفيًّا في السر، وكان أن استخدمها الرجل في التسول، كل هذا كان يتم ممارسته سرًّا إلى أن شاء الله أن يكشف العلاقة بينهما. ولكن الجزء الخاص بمكالماتهم العاطفية الغرامية، وكانت مكالمات ساخنة، غير بعض المقابلات في الحرم، وعند مواجهة أخي لأمي أولًا أنكرت رغم الأدلة والشهود، وكانت أدلة قطعية، فسألها أخي هل يجمعهما زواج؟ فأنكرت. وكان بعدها أن قابل أخي هذا الرجل في محيط منزله بالسعودية بعد منع الأم من نزول الحرم منفردة، فتأكد أنه كان قادمًا إليها، فضربه أخي ضربًا هستيريًّا، ثم طلب أخي له الشرطة، واتهمه بمحاولة الدخول لبيته في غيابه، ثم واجه الأم، وكان أن خرجت منه ألفاظ نابية لأمه في ثورة غضبه بعد أن تأكد أن هذا الرجل كان يأتي لأمي ويضاجعها، كل هذا وأخي ونحن أيضًا لا نعلم أنهما متزوجان في السر. وأنا أيضًا قمت بالصراخ فيها بعدما رجعت من السعودية، لكن دون ألفاظ نابية، فهل علينا من إثم في هذه الألفاظ؟ وما حكم هذه العلاقة بين أمي وهذا الرجل؟ علمًا أنه بعد اكتشاف الحقيقة تبين أن العقد العرفي تم بدون شهود أمام أمي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما وقع منك ومن أخيك من الإساءة إلى الأمّ فهو غير جائز، والواجب عليكما التوبة إلى الله -عزّ وجلّ-، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه، مع استحلال الأمّ واسترضائها، وذلك لأنّ حقّ الأمّ على ولدها عظيم، ومهما أساءت ووقعت في المنكرات فإنّ الإنكار عليها لا يجوز أن يشتمل على إغلاظ، فضلًا عن سبّها وشتمها، وانظر الفتوى رقم: 134356.
واعلم أنّ هذا العقد الذي وقع بين الرجل والأمّ دون ولي ولا شهود، عقد باطل، وانظر الفتوى رقم: 69006.

وإذا كان الرجل لم يطلقها، فلها أن تأخذ بقول من يرى عدم الحاجة إلى الطلاق أو الفسخ في مثل هذه العقود الفاسدة؛ قال ابن قدامة: "وَإِذَا تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ تَزْوِيجًا فَاسِدًا، لَمْ يَجُزْ تَزْوِيجُهَا لِغَيْرِ مَنْ تَزَوَّجَهَا حَتَّى يُطَلِّقَهَا أَوْ يَفْسَخَ نِكَاحَهَا. وَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ طَلَاقِهَا، فَسَخَ الْحَاكِمُ نِكَاحَهُ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا حَاجَةَ إلَى فَسْخٍ وَلَا طَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ، أَشْبَهَ النِّكَاحَ فِي الْعِدَّةِ". المغني لابن قدامة (7/ 11).

وإذا كانت الأمّ بحاجة إلى النكاح فلا يجوز لكم أن تمنعوها منه، بل ينبغي عليكم أن تعينوها على ذلك إعفافًا لها وبرًّا بها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني