الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قصر الصلاة في عرفة ومنى ومزدلفة وهدي التمتع للمقيم بمكة للعمل

السؤال

أنا مصري، مَنَّ الله علي بالإقامة في مكة للعمل طبيبا، ومعي أهلي، وكنت أقيم بحي النسيم إقامة كاملة.
ومنَّ الله علي بالحج عام 1434هجرية، وأتممت النسك بفضل ربي.
لكن سمعت اليوم قولا: أن أهل مكة لا يجوز لهم القصر في الحج.
فأريد أن تبينوا لي هذا الأمر، مع ذكر الراجح عندكم.
وماذا أفعل الآن وقد قصرت، مع الجمع في عرفة بين صلاتي الظهر والعصر، وفي مزدلفة قصرت صلاة العشاء، وفي مني جمعت وقصرت لمدة يومين؛ لأني كنت ممن تعجل لظروف العمل، وقال لي بعض الإخوة إنني ما دمت من أهل مكة، فليس علي هدي؛ وبالتالي لم أذبح هديا.
فهل هذا صحيح؟
أفيدوني أفادكم الله.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فأما بالنسبة للهدي، فإن أقمت بمكة لأجل العمل، وفي نيتك الرجوع لبلدك يوما ما، فإنه يلزمك هدي التمتع إن حججت متمتعا. وانظر لهذا الفتوى رقم: 306565.

وأما قصر الصلاة، وجمعها في المناسك، فقد اختلف الفقهاء في أهل مكة هل يجوز لهم القصر والجمع في عرفة، ومزدلفة، ومنى أم لا؟ على قولين.

جاء في الموسوعة الفقهية للدرر السنية: هل يقصر المكي في عرفة والمزدلفة؟

اختلف الفقهاء في ذلك على قولين:

القول الأول: لا يقصر المكي، وهذا مذهب الجمهور من الحنفية، والشافعية في الأصح، والحنابلة، وبه قال جمهور السلف، واختاره داود الظاهري ....

القول الثاني: يقصر أهل مكة، وهذا مذهب المالكية، وقولٌ للشافعية، ورواية عن أحمد، وبه قال طائفة من السلف، واختاره أبو الخطاب، وابن تيمية، وابن القيم، والشنقيطي. اهــ.

وجاء فيها أيضا: هل يقصر أهل مكة بمنى؟

اختلف أهل العلم في ذلك على قولين:

القول الأول: يقصر أهل مكة بمنى، وهذا مذهب المالكية، وهو اختيار ابن تيمية، وابن باز ...

القول الثاني: يتم أهل مكة بمنى، وهذا مذهب الجمهور من الحنفية، والشافعية، والحنابلة، واختاره ابن عثيمين احتياطاً ... اهـ.

وقال ابن قدامة في المغني: فصل: فأما قصر الصلاة: فلا يجوز لأهل مكة, وبهذا قال عطاء, ومجاهد, والزهري, وابن جريج, والثوري, ويحيى القطان, والشافعي, وأصحاب الرأي, وابن المنذر, وقال القاسم بن محمد, وسالم, ومالك, والأوزاعي: لهم القصر؛ لأن لهم الجمع, فكان لهم القصر كغيرهم. ... اهـ.

وما دمت قد فعلت ما يوافق قولا لبعض أهل العلم، فنرجو أنه لا يلزمك شيء، وصلاتك صحيحة.

جاء في البحر الرائق لابن نجيم الحنفي، عن العامي إذا عمل عملًا: ... وَإِنْ لم يَسْتَفْتِ أَحَدًا، وَصَادَفَ الصِّحَّةَ على مَذْهَبٍ مُجْتَهِدٍ أَجْزَأَهُ، وَلَا إعَادَةَ عليه .. اهــ.

وننبه إلى أن الصلاة في منى تكون قصرا من غير جمع، فإذا لم يكن لجمعك مبرر شرعي آخر كمرض، فإنك فعلت ما لم يجز، فإن كان جمعك وقع تقديما كأن صليت العصر تقديما في وقت الظهر، لم تصح صلاة العصر، ويلزمك قضاؤها، وإن وقع تأخيرا كأن صليت الظهر في وقت العصر، فقد وقعت الظهر قضاء لا أداء.

وأيضا بالنسبة للإحرام: إن قدمت مكة من بلدك مصر وأنت ناو للحج أو العمرة، فإنك تحرم من الميقات الذي ستمر به ولو كنت تقيم في مكة، ولا تؤخر الإحرام إلى مكة، وانظر الفتوى رقم: 267763.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني