الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم النكات والألغاز بأمور متعلقة بالشرع

السؤال

ما حكم هذه النكتة، أو السؤال المقلوب حول طريقة كتابة "تيمّمت بالماء"
لو سمحتم لدي استفسار حول هذه النكتة، أو السؤال الطريف وهو كالآتي:
سؤال لأهل اللغة العربية: تيممت بالماءِ، بالماءَ، بالماءُ. ومن يعرف الإجابة يوضح لنا؟
وهو سؤال في مقلب مضحك، إذ أن التيمم يكون بالتراب، أو الحجر، وليس بالماء.
سؤالي، أو استفساري- بارك الله فيكم- هو: عن حكم نشر مثل هذا السؤال على صفحات التواصل الاجتماعي.
هل يأثم صاحبه؟ وهل يدخل في نطاق الاستهزاء بالدين؟ أو لا حرج فيه؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن مثل هذا السؤال لا يعتبر من الاستهزاء بالدين، ما لم يتعمد صاحبه نية الاستهزاء، والاستخفاف بالدين، والتنقص له؛ لأن حقيقة السخرية والاستهزاء بالدين اللذين دلَّت النصوص على كفر فاعلهما، هي: الأقوال، أو الأفعال الدالة على الطعن في الدين والتنقص منه، والاستخفاف به.

قال الإمام الغزالي في كتابه (إحياء علوم الدين): وَمَعْنَى السُّخْرِيَةِ: الِاسْتِهَانَةُ وَالتَّحْقِيرُ، وَالتَّنْبِيهُ عَلَى الْعُيُوبِ والنقائص، عَلَى وَجْهٍ يُضْحَكُ مِنْهُ. اهـ.

وقال البيضاوي في تفسيره: الاستهزاء: السخرية، والاستخفاف. اهـ.

وقد شاع في كتب أهل العلم الإلغاز بما ظاهره يوهم ما ليس مرادا، ولم يعتبر ذلك من الاستهزاء بالدين.

ومن المعلوم أن التيمم في الشرع لا يكون بالماء، وإنما يكون بالأرض، بدلا من طهارة الماء لمن فقد الماء، أوعجز عن استعماله، كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة:6}،

وجاء في شرح عمدة الفقه لابن تيمية : التيمم في اللغة: القصد، يقال: يممت الشيء، وتيممته، وتأممته، أي قصدته، ومنه قوله تعالى: {ولا تيمموا الخبيث} [البقرة: 267] ، فلما قال سبحانه: {فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا} [المائدة: 6] خص في عرف الخطاب الشرعي تيمم الصعيد لمسح الوجه واليد، وغلب حتى صار المسح نفسه يسمى تيمما، وغلب على ألسنة الفقهاء تيمم الصعيد، بمعنى تمسحت بالصعيد. والأصل فيه الكتاب بقوله تعالى: {فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم} [المائدة: 6] في موضعين، والسنة المستفيضة، وإجماع الأمة، وهو مع ذلك من خصائص أمتنا، فإن الله لم يجعل التراب طهورا إلا لهذه الأمة....

وصفته أن يضرب بيديه على الأرض: الصعيد الطيب ضربة واحدة، فيمسح بهما وجهه وكفيه؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمار: إنما يكفيك هكذا، وضرب بيديه الأرض، فمسح بها وجهه، وكفيه. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني