الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحكمة الشرعية من غسل الجنابة

السؤال

ما الغرض الشرعي من وراء الغسل عند نزول المني مع العلم أنكم بينتم في فتواكم أن المني طاهر؟ وعلى العكس فإننا نقوم بالوضوء فقط عند نزول البول أو المذي من الجنسين؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الغرض الشرعي من وراء الغسل عند نزول المني أو وجود سبب آخر من أسباب الغسل هو استباحة الصلاة أو الطواف أو غيرهما مما تشترط لصحته الطهارة من الحدث، لقول الله عز وجل: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا [المائدة:6]. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تقبل صلاة بغير طهور.... أخرجه مسلم. أما السؤال عن الحكمة من إيجاب الغسل من المني دون غيره من بول ونحوه؟ فالجواب عنه: أن أوامر الشرع تنقسم إلى قسمين: قسم تظهر الحكمة منه وعلته، وقسم تقصر عقولنا عن إدراك الحكمة منه، بمعنى أنه غلب عليه جانب التعبد. ولا يخلو أمر من أوامر الشارع ولا خلق من خلقه من حكمة بالغة وراءه، علمها من علمها وجهلها من جهلها، وإذا لم تصل أفهامنا ولم تدرك عقولنا بجلاء الحكمة من أمر ما فلا يعني ذلك أنه خالٍ من حكمة، ولعل الغسل من الجنابة من النوع الذي غلب فيه جانب التعبد جانب التعليل، مع أن له حِكَماً كثيرة، وفوائد جليلة حسية ومعنوية منها ما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود عن أبي رافع بقوله هذا أزكى وأطهر، يعني الغسل من الجنابة، فعندما يفقد المجامع النشاط والحيوية بسبب الجماع فإن الاغتسال يعيد إلى الجسم ذلك النشاط وتلك الحيوية، ونقل عبد الله بن عبد الرحمن آل بسام في كتابه توضيح الأحكام في بلوغ المرام عن الجرجاوي أن الشارع الحكيم فرض الاغتسال بعد خروج المني ولم يفرضه بعد خروج البول مع أنهما من مكان واحد وعضو واحد، ذلك أن البول عبارة عن فضلة المأكول والمشروب، وأما المني فهو عبارة عن مادة مكونة من جميع أجزاء البدن، ولذا نرى الجسم يتأثر بخروجه، ولا يتأثر بخروج البول، ولذا نرى الإنسان بعد الجماع تضعف قوة بدنه، والغسل بالماء يعيد إلى البدن هذه القوة المفقودة بخروج المني، كما أن خروج هذه القوة من الجسم يسبب الكسل، والاغتسال يعيد إلى الجسم نشاطه، وقد صرح الأطباء أن الاغتسال بعد الجماع يعيد إلى البدن قوته وأنه أنفع شيء له في تنشيط دورة الدم في الجسم ليعود إليه نشاطه وقوته، وأن ترك الاغتسال يسبب له أضراراً كبيرة. انتهى من توضيح الأحكام من بلوغ المرام. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني