الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل في هاتين العبارتين استهزاء بالدين؟

السؤال

أحد الأشخاص اتهمني بأني استهزأت، وسببت الدين عندما قال لي: شغل محاضرات دينية، فقلت له: تتكلم كلامًا وسخًا -أعني الشخص-، وقلت أيضًا حينما أصدر جوالي صوتًا من أحد البرامج، رجل ينصح، فقلت: لو ابتدأ مع موسيقى؛ لأن صوته كان عاليًا قليلًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن العبارتين المذكورتين يمكن حملهما على الاستهزاء بالدين وتعاليمه، وهما مما يجب كف اللسان عنه، واجتنابه، لكن ما دام الشخص لا يقصد ذلك، ويمكن حمل كلامه على محمل آخر؛ فإن الأولى أن يحمل على عدم الاستهزاء بالدين؛ لا سيما أن الاستهزاء بالدين سببه السخرية منه، والاستخفاف به، وعدم اعتباره، والاهتمام به.

وما فهمناه من السؤال، أن هذا الشخص لا يحب أن يتهم بشيء من ذلك؛ لذلك نرجو أن يكون ما صدر منه ليس استهزاء؛ وقد نص أهل العلم على أن من تكلم بكلام يحتمل الردة، وغيرها، لا يكفر بذلك.

قال ابن مايابى في نظم نوازل العلوي:

والاِرْتِدادُ لا عليه يُحملُ * لفظ له على سواه مَحملُ

ومُدخل ألفا من الملاحدةْ * أهون من مخرج نفس واحدةْ.

وجاء في النهر الفائق لابن نجيم الحنفي: لا يفتى بتكفير مسلم، أمكن حمل كلامه على محمل حسن، أو كان في كفره اختلاف، ولو رواية ضعيفة. اهـ.

وقال علي القاري في شرح الشفا: قال علماؤنا، إذا وجد تسعة وتسعون وجهًا تشير إلى تكفير مسلم، ووجه واحد إلى إبقائه على إسلامه، فينبغي للمفتي والقاضي أن يعملا بذلك الوجه، وهو مستفاد من قوله عليه السلام: ادرأوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن وجدتم للمسلم مخرجًا، فخلوا سبيله، فإن الإمام لأن يخطئ في العفو، خير له من أن يخطئ في العقوبة. رواه الترمذي، والحاكم. اهـ.

وما دام الاحتمال موجودًا، فلا شيء عليك -إن شاء الله تعالى-.

والذي يظهر لنا -والله أعلم- أن صاحب هذا السؤال مصاب بمرض الوسواس، فإن كان الأمر كذلك، فعليه بالإعراض عن هذه الأوهام، وعدم الالتفات إليها، وانظر الفتوى رقم: 154363 وما أحيل عليه فيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني