الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انتقال النجاسة من نجاسة جافة إذا لامست مبللًا على مذهب الحنفية

السؤال

قرأت الفتاوى التي أحلتموني عليها فلم أجد الإجابة، وسأذكر حالتين طبقت فيهما قاعدة: لا تنتقل النجاسة من نجاسة جافة إذا لامست مبللًا على مذهب الحنفية، فإذا جفت النجاسة أسفل النعل أو غلب على الظن جفافها، ووقفت على مياه، ثم مشيت مثلًا على أرض البيت، أو جفت النجاسة أسفل النعل، أو غلب على الظن جفافها، ثم مشيت على مياه, ففي كلتا الحالتين لا تنتقل النجاسة، بناء على قاعدة أن النجاسة الجافة إذا لامست مبللًا لا تنتقل، وإذا كانت توجد مفرشة بها نجاسة جافة، وغلب على الظن أن النجاسة قد جفت، وجاءت بعد ذلك على هذه النجاسة الجافة مياه، ففي هذه الحالة لا تنتقل النجاسة بناء على نفس القاعدة، فهل أنا أطبق القاعدة تطبيقًا صحيحًا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالقاعدة التي نسبتها للحنفية لا بد من التفصيل فيها, فمذهب الحنفية أن الأرض تطهر بالجفاف لذهاب عين النجاسة, لكن إذا أصاب الماء موضع النجاسة الجافة, فهل تعود النجاسة كما كانت قبل الجفاف، في ذلك قولان عندهم, والقول الأصح أن النجاسة لا تعود في هذه الحالة, أما غير الأرض، كالفراش، والنعل, وغيرهما, فلا ينطبق عليه هذا الحكم, ولا يطهر بالجفاف, جاء في المبسوط للسرخسي الحنفي: ثم النجاسة تحرقها الشمس، وتفرقها الريح، وتحول عينها الأرض، وينشفها الهواء، فلا تبقى عينها بعد تأثير هذه الأشياء فيها، فتعود الأرض كما كانت قبل الإصابة، فإن أصاب الموضع ماء فابتل، أو ألقي من ترابه في ماء قليل ففيه روايتان: إحداهما: أنه يعود نجسًا كما قبل الجفاف، والأخرى -وهو الأصح-: أنه لا يتنجس؛ لأن بعد الحكم بطهارته لم يوجد إلا إصابة الماء، والماء لا ينجس شيئًا، بخلاف ما إذا أصابت النجاسة البساط، فذهب أثرها؛ لأن النجاسة تتداخل في أجزاء البساط، فلا يخرجها إلا الغسل بالماء، وليس من طبع البساط أن يحول شيئًا إلى طبعه، ومن طبع الأرض تحويل الأشياء إلى طبعها، فإن الثياب إذا طال مكثها في التراب تصير ترابًا، فإذا تحولت النجاسة إلى طبع الأرض بذهاب أثرها حكمنا بطهارة الموضع لهذا، وإن كان الأثر باقيًا لم تجز الصلاة؛ لأن ظهور الأثر دليل على بقاء النجاسة. انتهى.

وفي الجوهرة النيرة، وهو حنفي: قوله: وإذا أصابت الأرض نجاسة فجفت بالشمس وذهب أثرها جازت الصلاة على مكانها، وقال زفر، والشافعي ـ رحمهما الله ـ: لا تجوز؛ لأنه لم يوجد المزيل؛ ولهذا لم يجز التيمم منها، ولنا قوله: عليه السلام: زكاة الأرض يبسها ـ وقيد بالأرض احترازًا عن الثوب، والحصير، وغير ذلك، فإنه لا يطهر بالجفاف بالشمس. انتهى.

وبناء على ما سبق؛ فإن الفراش إذا أصابته نجاسة, ثم جفت, ثم أصابها بلل, فإن هذا البلل يعتبر نجسًا, وينجس كلما لامسه, كما أن النعل إذا أصابته نجاسة, ثم جفت, ثم أصابه بلل, فإن هذا البلل نجس, وينشر النجاسة فيما وطئ عليه هذا النعل من بلاط, أو فراش، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 224734.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني