الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل للحيوانات عقل؟ وهل توجد مخلوقات عاقلة غير الإنس والجن؟

السؤال

هل للحيوانات عقل؟ وما رأيكم بمن يقول إن هناك حيوانات ذكية، وتستطيع التفكير؟
وهل توجد مخلوقات عاقلة، ومكلفة غير الإنس والجن؟ وهل هناك إجماع؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالعقل الذي هو مناط التكليف، اختص الله به من أهل الأرض: الثقلين الإنس، والجن، دون سائر أنواع الحيوان.

وأما العقل الذي هو غريزة، وتمييز، وإدراك ونوع فهم، فلكل حيوان منه ما يناسب الحكمة التي خُلق من أجلها، وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتوى رقم: 182543.
وقد عقد القاضي أبو بكر الباقلاني في (التقريب والإرشاد) فصلا في ذكر أقسام اكتساب الخلق، فقال: اعلموا أنها في الأصل على ضربين:

فضرب منها كسب لعاقل مكلف.

والضرب الثاني: كسب لغير عاقل. فالعاقل منهم: الملائكة، والجن، والبالغون من الإنس غير المنتقصين.

والذي ليس بعاقل منهم: البهائم، والأطفال، والمنتقصون من البله والمجانين، وأفعال هؤلاء باتفاق غير داخلة تحت التكليف؛ لخروجهم عن العقل والتمييز، وصحة تلقي التعبد والعلم به، وقصد ما يكلفونه بعينه. اهـ.
وقال الشاطبي في (الموافقات): الموانع ضربان:

أحدهما: ما لا يتأتى فيه اجتماعه مع الطلب.

والثاني: ما يمكن فيه ذلك ...

فأما الأول: فنحو زوال العقل بنوم، أو جنون أو غيرهما، وهو مانع من أصل الطلب جملة؛ لأن من شرط تعلق الخطاب إمكان فهمه؛ لأنه إلزام يقتضي التزاما، وفاقد العقل لا يمكن إلزامه، كما لا يمكن ذلك في البهائم والجمادات ...

وأما الثاني: فكالحيض والنفاس، وهو رافع لأصل الطلب، وإن أمكن حصوله معه. اهـ.
وقد عقد ابن القيم في آخر كتابه (طريق الهجرتين) فصلا في مراتب المكلفين في الدار الآخرة، وطبقاتهم فيها، وقال: هم ثمان عشرة طبقة ... اهـ.
بدأها بالرسل المصطفين، وختمها بطبقة الجن، ولم يذكر في طبقات المكلفين أحدا من غير الإنس والجن.
وأما مسألة الإجماع على عدم وجود مخلوقات عاقلة غير الإنس والجن، فلا يوجد، وقد اختلف العلماء في كون الملائكة مكلفين أم لا؟ وراجع في ذلك الفتوى رقم: 191157.
كما أن هناك خلافا في وجود مخلوقات أخرى في غير أرضنا التي نعيش علينا، راجعه في الفتويين: 35459، 189183.
وعلى أية حال، فلا نرى كبير فائدة في التدقيق في مثل هذه المسائل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني