الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا مؤاخذة في سبق اللسان بما لا يريده العبد

السؤال

انتشرت بين الناس ألفاظ ظاهرها شرك . مثلا إذا تكلمت مع شخص يقول بالدارجة - صليتلي نهار وليت تتكلم -
يعني صليت يوما، أصبحت تتكلم .. والإشكال في كلمة - صليتلي -لا أظن أن المقصود هو صليت لي!
وإنما يقصد بها صليت يوما، فأصبحت تتكلم. وهكذا كثير من الألفاظ تضاف إليها كلمة -لي- والمصيبة أني تلفظت بها، وبغيرها من الكلمات التي فيها كلمة -لي- ! وطبعا لا أقصد المعنى الظاهر فيه الشرك، الحمد لله تبت إلى الله عز وجل من التلفظ بهذه الألفاظ .
السؤال: ما حكم هذا اللفظ؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد عرفنا من الأسئلة السابقة للسائل أنه عانى من مرض الوسواس القهري بكل أشكاله، وأنه تأذى من ذلك وتضرر ضررا بالغا! وما يسأل عنه الآن هو من هذا الباب، فليس في هذه العبارة العامية شرك، ولا قريب منه، فمعناها واضح تماما، ولكنها الوسوسة وأثرها! ولذلك فإننا ننصح الأخ السائل بالإعراض عن مثل هذه الأفكار، وقطع طريقها من البداية.
ثم لتعلم أن الألفاظ التي ظاهرها الكفر بالفعل، إذا جرت على اللسان دون قصد معناها، كان ذلك مانعا من الحكم على صاحبها بمقتضاها، كقول الرجل الذي أخطأ من شدة الفرح لما وجد راحلته: "اللهم أنت عبدي، وأنا ربك"

قال ابن القيم في (إعلام الموقعين): لم يكفر بذلك، وإن أتى بصريح الكفر؛ لكونه لم يرده. اهـ.
وقال بعدها: الغلط، والنسيان، والسهو، وسبق اللسان بما لا يريده العبد بل يريد خلافه، والتكلم به مكرها، وغير عارف لمقتضاه: من لوازم البشرية لا يكاد ينفك الإنسان من شيء منه؛ فلو رتب عليه الحكم لحرجت الأمة، وأصابها غاية التعب والمشقة؛ فرفع عنها المؤاخذة بذلك كله، حتى الخطأ في اللفظ من شدة الفرح والغضب والسكر؛ كما تقدمت شواهده. وكذلك الخطأ والنسيان والإكراه والجهل بالمعنى، وسبق اللسان بما لم يرده، والتكلم في الإغلاق ولغو اليمين؛ فهذه عشرة أشياء لا يؤاخذ الله بها عبده بالتكلم في حال منها؛ لعدم قصده وعقد قلبه الذي يؤاخذه به. اهـ.
وقال ابن عثيمين في (شرح رياض الصالحين): فيه دليل على أن الإنسان إذا أخطأ في قول من الأقوال ولو كان كفرا، سبق لسانه إليه؛ فإنه لا يؤاخذ، فهذا الرجل قال كلمة كفر؛ لأن قول سبق اللسان لربه: "أنت عبدي وأنا ربك" هذا كفر لا شك، لكن لما صدر عن خطأ من شدة الفرح -أخطأ ولم يعرف أن يتكلم- صار غير مؤاخذ به، فإذا أخطأ الإنسان في كلمة؛ كلمة كفر؛ فإنه لا يؤاخذ بها، وكذلك غيرها من الكلمات. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني