الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التسوية بين الأولاد في الهبة هو الأصل

السؤال

والدتي متوفاة، ولي أخ وأخت، وأبي له بيت، وأرض.
بعد وفاة أمي، تزوج والدي من أخرى، وأنجب ولدا وبنتا، وبدأ في التجارة بعد زواجه بها، من المعاش (يعني يقبض المعاش، يصرف نصفه على أسرته زوجته وأولاده، والنصف الآخر على التجارة) وكانت زوجته الجديدة تساعده على مشقة العمل، دون مساعدته بالمال، وبدأ بالادخار من ناتج هذه التجارة، واشترى أرضا وشقة.
هل يجوز له أن يكتب هذه الشقة والأرض لأولاده من زوجته الجديدة فقط، وبعد ذلك يرثون في البيت والأرض مع أخيهم وأختهم من الزوجة الأولى؟
وما هو رد الشرع في ذلك.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الأصل أنه يجب على الأب شرعا أن يعدل بين أبنائه في الهبة، على الراجح من أقوال العلماء، ولا يجوز أن يخصص بعضهم بالهبة دون مسوغ شرعي، وانظر بيان ذلك، وأدلته، في الفتوى رقم: 6242.

ومساعدة الزوجة لزوجها في التجارة أو غير ذلك، ليس مسوغا للأب في تخصيص أبنائها بالهبة دون أبنائه من غيرها، بل إن أصل قضية التخصيص لحاجة ونحوها، محل نزاع بين القائلين بوجوب التسوية، ومنهم من منعها مطلقا!

جاء في كشاف القناع: ولا فرق في امتناع التخصيص والتفضيل بين كون البعض ذا حاجة، أو زمانة، أو عمى، أو عيال، أو صلاح، أو علم أو لا، ولا بين كون البعض الآخر فاسقا، أو مبتدعا، أو مبذرا أو لا، وهو ظاهر كلام الأصحاب، ونص عليه في رواية يوسف بن موسى في الرجل له الولد البار الصالح، وآخر غير بار، لا ينيل البار دون الآخر.

(وقيل إن أعطاه لمعنى فيه من حاجة، أو زمانة، أو عمى، أو كثرة عائلة، أو لاشتغاله بالعلم ونحوه) كصلاحه (أو منع بعض ولده لفسقه، أو بدعته، أو لكونه يعصي الله بما يأخذه ونحوه، جاز التخصيص) والتفضيل بالأولى (اختاره الموفق، وغيره) استدلالا بتخصيص الصديق عائشة -رضي الله عنهما- وليس إلا لامتيازها بالفضل.

ولنا عموم الأمر بالتسوية، وفعل الصديق يحتمل أنه نحل معها غيرها، أو أنه نحلها وهو يريد أن ينحل غيرها، فأدركه المرض ونحوه. اهـ.

مع التنبيه إلى أن مجرد كتابة عقار باسم الموهوب له، ليستحوذ عليه بعد موت الواهب دون قبض له، وتمكن من التصرف فيه، في حياة الواهب، لا يعد هبة صحيحة شرعا.

جاء في المغني: إذا مات الواهب، أو الموهوب له، قبل القبض، بطلت الهبة. اهـ.
وقبض العقار يحصل بتخليته، وليس بمجرد كتابته باسم الموهوب له.

جاء في الإقناع: وقبض غير منقول من أرض، وشجر ونحو ذلك بالتخلية لمشتر، بأن يمكنه منه البائع، ويسلمه المفتاح. اهـ.

وانظر الفتوى رقم: 100430.

فتصير مثل هذه الهبة في حكم الوصية، وهي لا تصح لوارث، إلا بإذن جميع الورثة، لما أخرجه أحمد والترمذي عن عمرو بن خارجة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله أعطى كل ذي حق حقه، ولا وصية لوارث. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
قال ابن هبيرة: واتفقوا على أنه لا وصية لوارث، إلا أن يجيز ذلك الورثة. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني