الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية توزيع غلة الوقف الذي لا يوجد صك له

السؤال

كيف يتم توزيع غلة الوقف في حالة عدم وجود صك لهذا الوقف ؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الوقف إذا لم يعرف شرط الواقف في مصرفه، فإنه يصرف مصرف الوقف المنقطع الآخر، إلا إن كان الوقف بيد ثقة يصرفه مصرفا معينا، فإنه يعمل بذلك.

جاء في فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم: (2306 ـ إذا تلفت أوراق الوقف فهل يعمل بعمل الناظر، وإذا لم يكن..)
سئل الشيخ محمد بن ابراهيم عن دعاوي في أوقاف لم يكن لها وثائق من الناس ببعض القرى التي نهبت في آخر القرن الثالث عشر، ومشهور عند أهل الاحساء أن أوراقهم أتلفت، وإنما بقي عندهم الولاية في الأملاك والأوقاف، فإذا حصل بينهم نزاع في الأوقاف، وليس هناك نص واقف هل يكون حكمها حكم الوقف المنقطع الآخر، أم لا ؟

فأجاب: ـ قال في " الإنصاف " عند قول " المقنع ": وهل يدخل فيه ولد البنت. فذكر كلاما طويلا، ثم قال: " فوايد " إلى أن قال: الرابعة قال في " التلخيص ": إذا جهل شرط الواقف وتعذر العثور عليه قسم على أربابه بالسوية، فإن لم يعرف جعل كوقف مطلق لم يذكر مصرفه. انتهى. وقال في " الكافي ": لو اختلف أرباب الوقف فيه رجع إلى الواقف، فإن لم يكن تساووا فيه، لأن الشركة تثبت ولم يثبت التفضيل فوجب التسوية، كما لو شرك بينهم بلفظه، انتهى. وقال الحارثي: إن تعذر الوقف على شرط الواقف وأمكن التأنس بصرف من تقدم ممن يوثق به رجع إليه، لأنه أرجح مما عداه، والظاهر صحة تصرفه ووقوعه على الوقف. انتهى.
فقد عرفت منه أنه إذا كان الوقف في يد ثقة يصرفه مصرفا معينا في مثل هذه المسألة أنه يعمل بذلك، وأنه إذا لم يكن شيء من ذلك يصير حكمه حكم الوقف المطلق، يكون لأقرب ورثة الواقف نسباً وقفا عليهم، كالوقف المنقطع. هذا إذا جهل أصل المصرف. وأما عن علم اصله لكن جهل شرط الواقف أو التقديم أو التأخير أو التفضيل ونحو ذلك فهذا يستأنس فيه بصرف الثقة الذي هو بيده ويعلمه كما تقدم، فإن لم يكن فيقسم بين أهل الجهة بالسوية كما تقدم.

ومصرف الوقف المنقطع الآخر عند الحنابلة هو إلى ورثة الواقف، فإن تعذر ذلك صرف إلى الفقراء والمساكين ، جاء في كشاف القناع: ( ويصرف منقطع الآخر ( إلى ورثة الواقف ) حين الانقراض، كما يعلم من الرعاية (نسبا) ؛ لأن الوقف مصرفه البر، وأقاربه أولى الناس ببره لقوله - صلى الله عليه وسلم - «إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس» ؛ ولأنهم أولى الناس بصدقاته النوافل، والمفروضات فكذا صدقته المنقولة؛ ولأن الإطلاق إذا كان له عرف صح، وصرف إليه، وعرف المصرف هنا أولى الجهات به، فكأنه عينهم لصرفه(فإن لم يكن له) أي: الواقف (أقارب) فللفقراء (أو كان له فانقرضوا ف) صرف وقفه (للفقراء، والمساكين وقفا عليهم) ؛ لأن القصد بالوقف الثواب الجاري على وجه الدوام، وإنما قدموا الأقارب على المساكين لكونهم أولى فإذا لم يكونوا فالمساكين أهل لذلك .اهـ. باختصار.

وقد رجحت اللجنة الدائمة أن مصرف الوقف المنقطع الآخر هو في جهات البر عموما، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: غلة الوقف المنقطع الآخر تصرف في وجوه البر، فهذا الوقف قد انقطعت الجهة التي وقف عليها، فتبقى رقبته وتصرف غلته في وجوه البر على نظر الوكيل الشرعي .اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني