الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

لدي ثلاث مسائل، أرجو من حضرتكم العون بإذن الله، والمشورة فيها:
1- أنا مدين بما يقارب عشرة آﻻف دوﻻر، وأهلي ضعيفو الحال. فهل يجب علي أن أكتب في الوصية المبالغ التي أدين بها للناس، علماً أنني أعرف حق المعرفة أن أهلي وإخوتي بالكاد يتدبرون معيشتهم.
2- هل الآية الكريمة "وﻻ تجعل يدك مغلولة..." الآية، تشمل الصدقات، فأنا أسعى بفضل الله، ألا أمنع سائلا قدر الإمكان، وأحاول أن أعود نفسي على عدم النظر في المبالغ المعطاة للسائل كبيرة كانت، أو صغيرة، وذلك لفهمي أن هذه المبالغ "قرض" سيعود في الدنيا، كما له الأجر في الآخرة. فهل فهمي في ذلك صحيح؟ وإن لم يكن صحيحا. فهل من نصيحة في ترشيد أموال الصدقات. الأول، فالثاني. وهكذا.
3- حبذا لو تعطوني رقم هاتف، أو بريد إلكتروني لأحد العلماء؛ ﻷنني أعيش في بلد غربي نوعاً ما، ولا أستطيع أن أجد عالماً يعطيني برنامجاً في العلم الشرعي ﻷسير وفقه خلال فترة عشر سنوات القادمة. وقد طلبت رقما شخصيا، أو بريدا، من أجل شرح وضعي ووقتي بشكل أكبر، وحتى يكون العالم على دراية بإمكاناتي.
أعتذر عن الإطالة، ولكن أنتم كآبائنا قبل أن تكونوا معلمينا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الأصل في وصية الشخص بما عليه من حقوق أنها مستحبة غير واجبة، إلا إذا كانت الحقوق مجهولة غير معلومة، يخشى أن تضيع إذا لم يوص.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: الإيصاء بالنسبة للموصي: يكون واجبا عليه: إذا كان برد المظالم، وقضاء الديون المجهولة؛ لأن أداءها واجب، والإيصاء هو الوسيلة لأدائه، فيكون واجبا مثله.

أما الإيصاء بقضاء الدين المعلوم، ورد المظالم المعلومة، وتنفيذ الوصايا إن كانت، فهو سنة، أو مستحب باتفاق الفقهاء، تأسيا بالسلف الصالح في ذلك، حيث كان يوصي بعضهم إلى بعض .اهـ. باختصار.

وانظر الفتوى رقم: 30907، والفتوى رقم: 147919.

ومعلوم أن الورثة لا يقتسمون شيئا من التركة إلا بعد قضاء دين مورثهم من تركته، كما في الفتوى رقم: 21998.

وأما إن كنت تقصد إيصاء الورثة بالتبرع بقضاء الدين: فإنه لا يجب على ورثة الميت أصلا التبرع بقضاء دين مورثهم، إذا لم يخلف ما يقضى به دينه.

قال السعدي في كتابه: القواعد والأصول الجامعة:[ القاعدة السادسة والخمسون ] يقوم الوارث مقام مورثه في كل شيء؛ لأنه لما مات الميت وانتقل ماله إلى ورثته، وهو ما خلفه من أعيان أو ديون، أو حقوق. فناب الوارث مناب مورثه في مخلفاته، فيطالِب بالديون المتعلقة بالموروث، ويقضي الوارث ديونَه، وينفذ وصاياه إن لم يكن له وصي، وله أن يتصرف في التركة، ولو كان الموروث مدينا بشرط ضمان الوارث الدينَ المتعلق بالتركة، ولكن لا يُطالَب الوارث بأكثر مما وصل إليه من التركة؛ لأنه لم يكن شريكا للميت، وإنما بمنزلة النائب عنه في موجوداته. اهـ.

قال ابن عثيمين في شرحه: يعني لو كان الدين الذي على الميت ألفا، وتركته خمسمائة، فإنه لا يطالب الوارث بأكثر من الخمسمائة؛ لأنه لم يصل إليه من مال الميت إلا هذا، ولا يُلزم أيضا بقضاء دين والده، يعني لو كان الميت الذي عليه الدين والده، وكان دينه أكثر من تركته، فإنه لا يلزم الولد أن يقضي الدين عن أبيه، ومن باب أولى بقية الورثة، ولكن إن تبرع وقضى عن والده، فهذا من بره.اهـ. وانظر الفتوى رقم: 43613.

فمن باب أولى أنه لا يجب على المدين أن يوصي ورثته بالتبرع بقضاء دينه، ولو كانوا أغنى الناس.

ونعتذر عن النظر في بقية أسئلتك؛ لأننا بيّنّا في خانة إدخال الأسئلة، أنه لا يسمح إلا بإرسال سؤال واحد فقط في المساحة المعدة لذلك، وأن الرسالة التي تحوي أكثر من سؤال، سيتم الإجابة عن السؤال الأول منها، وإهمال بقية الأسئلة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني