الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تتعين المساجد للجماعة أم لا؟

السؤال

السلام عليكم: هل هناك أي اختلاف في وجوب الصلاة في المسجد بالنسبة للرجال؟ وإذا كان فما هو الاختلاف؟ وما الراجح؟ ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد أجمع المسلمون على صحة الصلاة خارج المسجد للرجال والنساء، إلا ما ذهب إليه الظاهرية من أنها لا تصح من الرجال خارج المسجد إلا لعذر، فمن صلى خارج المسجد عندهم من غير عذر بطلت صلاته. وحجة الجمهور قول النبي صلى الله عليه وسلم: جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل. رواه البخاري وغيره. وحجة الظاهرية قوله صلى الله عليه وسلم: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد. فقيل له: ومن جار المسجد؟ قال: من أسمعه النداء. هذا الحديث رواه الدارقطني عن أبي هريرة رضي الله عنه. ورواه البيهقي عن علي رضي الله عنه مرفوعاً. وقد ضعفه أهل الحديث، ومنهم من رأى له تفسيرات أخرى هي: أن المقصود بالمسجد الجماعة، لا حقيقة المسجد لصحتها خارجه، ومنهم من رأى أن المقصود: كمال الصلاة وفضيلتها. قال ابن قدامة : ...لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد، لا نعرفه إلا من قول علي نفسه، كذلك رواه سعيد في سننه، والظاهر أنه إنما أراد الجماعة، وعبر بالمسجد عن الجماعة لأنه محلها، ومعناه: لا صلاة لجار المسجد إلا مع الجماعة. وقيل: أراد به الكمال والفضيلة، فإن الأخبار الصحيحة دالة على أن الصلاة في غير المسجد صحيحة جائزة. (المغني، 2/4). وينبغي أن يُعلم أن صلاة الجماعة واجبة وجوبًا عينيًّا على من يسمع النداء من الرجال القادرين، في أصح أقوال العلماء. وقد اختلف القائلون بالوجوب هل تتعين المساجد للجماعة أو لا؟ قال ابن القيم رحمه الله في كتابه "الصلاة وحكم تاركها": وهل له فعلها - أي الجماعة - في بيته أم يتعين المسجد؟ فهذه المسألة فيها قولان للعلماء، وهما روايتان عن الإمام أحمد، أحدهما: له فعلها في بيته، وبذلك قالت الحنفية والمالكية، وهو أحد الوجهين للشافعية. والثاني: ليس له فعلها في البيت إلا من عذر. وفي المسألة قول ثالث: فعلها في المسجد فرض كفاية، وهو الوجه الثاني لأصحاب الشافعي. إلى أن قال: ووجه الرواية الثانية ما تقدم من الأحاديث الدالة على وجوب الجماعة فإنها صريحة في إتيان المساجد، وفي مسند الإمام أحمد عن ابن أم مكتوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المسجد فرأى في القوم رقة، فقال: إني لأهم أن أجعل للناس إمامًا ثم أخرج فلا أقدر على إنسان يتخلف عن الصلاة في بيته إلا أحرقته عليه. وفي لفظ لأبي داود ثم آتي قومًا يصلون في بيوتهم ليست بهم علة فأحرق عليهم بيوتهم. وقال له ابن مكتوم، وهو رجل أعمى: هل تجد لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: لا أجد لك رخصة. وقال ابن مسعود: لو صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم. ثم قال: ومن تأمل السنة حق التأمل تبين له أن فعلها في المساجد فرض على الأعيان إلا لعارض يجوز معه ترك الجمعة والجماعة. فترك حضور المسجد لغير عذر كترك أصل الجماعة لغير عذر، وبهذا تتفق جميع الأحاديث والآثار. اهـ والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني