الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس من المعروف أن تقطع ما أمرك الله بوصله

السؤال

وكل أبي خالي لينهي له بعض مصالحه لكن خالي أخذ بعض الأموال لنفسه وكتب الأرض باسم أخي المتزوج بابنته دون علم أخي الذي رد الأرض فأمرنا أبي بمقاطعة خالي فغضبت جدتي (أم أمي رحمها الله) فمن أولى بالطاعة الجدة أم الأب؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإنه ينبغي لك أن تسعى في سبيل الإصلاح بين أبيك وخالك، واستعن على ذلك بالله تعالى ثم بأصحاب الفضل والرأي من أهلك، ولتحتسبوا الأجر عند الله تعالى لما ورد من الثواب الجزيل في إصلاح ذات البين. قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ[الأنفال:1]، وقال تعالى: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً[النساء:114]. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟ قالوا: بلى. قال: إصلاح ذات البين، وفساد ذات البين هي الحالقة. رواه أحمد والترمذي وأبو داود. مع ضرورة نصح خالك وتبيين خطورة ما قام به من أخذ مال أبيك بغير حق، فإن لم يفد النصح ولا السعي في الإصلاح، فتتأكد عليك طاعة أبيك في غير معصية الله تعالى. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا: الوالد أوسط أبواب الجنة. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه. لكن لا تجوز لك طاعة أبيك في شأن هجران جدتك أو خالك، بل عليك أن تصل رحمهما دائمًا، لما ثبت من الوعيد الشديد في شأن قطع الرحم. فعن جبير بن مطعم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة قاطع رحم. متفق عليه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله خلق الخلق، حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة. قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى. قال: فذلك لك. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرءوا إن شئتم: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ[محمد:22]. ونبه أباك إلى أن الله تعالى أمرك ببره في المعروف، وليس من المعروف أن تقطع ما أمرك الله بوصله. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني