الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التورع عن معاملة المسلم المستور من الابتداع في الدين

السؤال

أريد شراء ألعاب من الأنترنت وليس لدي مال في الأنترنت، ولي صاحب لديه أموال في الأنترنت، ولا أعلم هل هي حلال أم حرام؟ وكما أظن فإنه كان يسرق من قبل وأظن أنه توقف عن ذلك، وهو يعمل في الأنترنت، ولا أعلم هل يراعي أحكام الشرع في عمله أو لا، فهل يمكن أن أقدم له مالي ليشتري لي من الأنترنت بماله ثم أقدم له المال في الحقيقة من مالي؟ وماذا إذا كان هناك شخص آخر أريد أن يشتري لي بماله في الأنترنت ثم أقدم له المال في الحقيقة كالأمر مع صديقي؟ وهل يجب أن أسأله عن مصدر رزقه أم الأصل أن لا أسأله؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الأصل أن ما في أيدي الناس من أموال ملك لهم، ولا يلزم الشخص البحث عن مصدر مال من يتعامل معه هل فيه حرام أم لا؟ ولا يشرع التوقف في معاملة المسلم المستور الذي لم يعرف أنه يتعامل بالحرام، بل قد يكون ذلك من التكلف والتعمق المذموم، قال ابن تيمية: ما في الوجود من الأموال المغصوبة والمقبوضة بعقود لا تباح بالقبض إن عرفه المسلم اجتنبه، فمن علمت أنه سرق مالا أو خانه في أمانته أو غصبه فأخذه من المغصوب قهراً بغير حق لم يجز لي أن آخذه منه لا بطريق الهبة، ولا بطريق المعاوضة، ولا وفاء عن أجرة، ولا ثمن مبيع، ولا وفاء عن قرض، فإن هذا عين مال ذلك المظلوم، وإن كان مجهول الحال، فالمجهول كالمعدوم، والأصل فيما بيد المسلم أن يكون ملكاً له إن ادعى أنه ملكه، فإذا لم أعلم حال ذلك المال الذي بيده بنيت الأمر على الأصل، ثم إن كان ذلك الدرهم في نفس الأمر قد غصبه هو ولم أعلم أنا كنت جاهلاً بذلك، والمجهول كالمعدوم، لكن إن كان ذلك الرجل معروفا بأن في ماله حراماً ترك معاملته ورعا، وإن كان أكثر ماله حراما ففيه نزاع بين العلماء، وأما المسلم المستور: فلا شبهة في معاملته أصلاً، ومن ترك معاملته ورعاً كان قد ابتدع في الدين بدعة ما أنزل الله بها من سلطان. اهـ بتصرف يسير من مجموع الفتاوى.

وانظر الفتوى رقم: 134311.

وحتى من ثبت أن له مالا حراما، فإن ذلك لا يقتضي تحريم التعامل معه مطلقا، فالتعامل المباح مع من له مال حرام ليس بممنوع شرعا ما دام ماله ليس حراما خالصا، ولم يكن التعامل معه في عين ماله المحرم، فلم يزل المسلمون من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليوم يعاملون المشركين بالبيع والشراء وغيرها من التعاملات مع أنهم لا يتورعون عن الربا، والقمار وغيرهما من المحرمات، ففي الصحيحين عن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر اليهود: أن يعملوها ويزرعوها، ولهم شطر ما يخرج منها.

وفي الصحيحين أيضا عن عائشة، قالت: اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يهودي طعاما بنسيئة، فأعطاه درعا له رهنا.
جاء في تكملة المطيعي لكتاب المجموع: يجوز معاملة من في ماله حلال وحرام إذا لم يعلم عين الحلال والحرام، لأن النبي صلى الله عليه وسلم عامل اليهودي، ومعلوم أن اليهود يستحلون ثمن الخمر ويربون. اهـ.

وانظر الفتويين رقم: 6880، ورقم: 133697.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني