الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ماذا تفعل من يجبرها أبوها على أن تخلو بخطيبها؟

السؤال

أبي يجلسني وحدي مع خطيبي، وقد اعترضت كثيرا دون جدوى، مع العلم أن خطيبي رجل متدين وخلوق، ولكن لا أحد يأمن الفتن، وهو يزورني كل أسبوع، وقد انزعجت من ذلك، وتكلمت مع والدي دون جدوى، وقد مرت على خطبتي 6 أشهر، وقد تعرفت عليه جيدا، وحين دخولي لا أتكلم إلا قليلا خوفا من أن يكون كلامي خارجا عن لائحه الضرورات، فما العمل في ذلك؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان أبوك قد أقدم على هذا التصرف، فقد أقدم على أمر منكر وفعل ينافي المروءة والغيرة على العرض، فالخاطب أجنبي عن مخطوبته حتى يعقد لها عليه العقد الشرعي، فلا يحل تمكينه من الخلوة بها ونحو ذلك، فهذا من أعظم أسباب الفساد، قال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: المخطوبة أجنبيةٌ من الخاطب، لا فرق بينها وبين من لم تكن خطيبة حتى يعقد عليها. اهـ.

وإذا كانت هنالك حاجة لحديثه معها فليكن ذلك بوجود محرم مع التزامها بالستر والحجاب، وغير ذلك من الضوابط الشرعية، وما يدعيه بعض الناس علة لمثل هذا الجلوس، وهي دعوى الحاجة للتعارف علة عليلة، إذ إن الأصل أن يقدم المرء على الخطبة، وقد سأل عن مخطوبته وحالها، بل وحال أهلها بسؤال الثقات عنهم، ثم إن هذا التصرف قد لا يتحقق به المقصود، لما قد يحصل غالبا من التكلف في إبداء حسن الخلق، ويكون الأمر على غير ذلك، قال الشيخ ابن عثيمين أيضاً-رحمه الله: يقول بعض الخاطبين: إنني أحدثها من أجل أن أفهم عن حالها، وأفهمها عن حالي، فيقال: مادمت قد أقدمت على الخطبة، فإنك لم تقدم إلا وقد عرفت الشيء الكثير من حالها، ولم تقبل هي إلا وقد عرفت الشيء الكثير عن حالك، فلا حاجة إلى المكالمة بالهاتف، والغالب أن المكالمة بالهاتف للخطيبة لا تخلو من شهوةٍ، أو تمتع شهوة، يعني شهوة جنسية، أو تمتع، يعني تلذذ بمخاطبتها، أو مكالمتها، وهي لا تحل له الآن حتى يتمتع بمخاطبتها، أو يتلذذ. اهـ.

وحاصل الأمر هو أن أباك قد أخطأ وأساء أيما إساءة، فناصحيه بالمعروف أو سلطي عليه من ينصحه من فضلاء الناس ومن ترجين أن يكون لقوله تأثير عليه، فإن استجاب فالحمد لله، وإن أصر على رأيه فحاولي إقناع خاطبك وتذكيره بأن ما تفعلانه لا يجوز شرعا، فإن كان ـ كما ذكرت ـ أنه دين وخلوق فالمرجو استجابته لذلك، ويمكنك أيضا أن تعرضي عليه إتمام الزواج أو ـ على الأقل ـ القيام بالعقد الشرعي حتى يزول الإشكال بالكلية، ولا يجوز التساهل والمجاملة في المنكر ولو مع الوالد، فلا يطاع في معصية الخالق، ثبت في الصحيحين عن علي رضي الله عنه: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف.

وإن سخط عليك أبوك، فقد يرضيه الله عنك، روى الترمذي عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: أنها كتبت إلى معاوية رضي الله عنه: سلام عليك، أما بعد، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من التمس رضاء الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضاء الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس والسلام عليك.

ولا تنسي أن تكثري من الدعاء أن يلهم الله عز وجل أباك الرشد والصواب، وأن يوفق إلى إكمال الزواج.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني