الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعط أمك حقها وأعط زوجتك حقها

السؤال

أنا متزوج وأمي دائمًا تخطئ في حقي، وحق زوجتي، وتسب زوجتي، وزوجتي تتحمل أمي كثيرًا، فهل أنا أظلم زوجتي بهذا الأسلوب؟ وما الحل مع أمي؟ هل أقاطعها فترة أم إن هذا محرم؟ وفي حالة خطئها في حق زوجتي، كيف أوقفها عنه إذا حدثت مناوشة كلامية بينهما؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيحرم عليك أن تقاطع أمك وأن تقول لها كلاماً نابياً أو أن ترفع عليها صوتك، ويجب عليك أن تبرها وتطيعها فيما لم تكن معصية لله تعالى، وتحفظ لها وصية الله تعالى ووصية نبيه صلى الله عليه وسلم بها، قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا [الأحقاف:15]، وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء: 23-24].

وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: "أمك" قال ثم من؟ قال: "أمك" قال ثم من؟ قال: "ثم أمك" قال ثم من؟ قال: "ثم أبوك". والحديث في الصحيحين عن أبي هريرة. إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الكثيرة التي فيها الحض على بر الوالدين جميعاً وبر الأم خاصة.

ثم إن عليك -إن كان واقع الأمر كما ذكرت- أن تنصحها وتعظها بلطف وحكمة وتنبهها إلى أن عليها أن تتقي الله تعالى في زوجتك ولا تظلمها، وعليك أن تبين لها عواقب ذلك عليها في الدنيا والآخرة

وأوص زوجك بالتحلي بالصبر وضبط النفس والإحسان إلى أمك لكسب ودها، كما قال الله تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [فصلت: 34-35].

فإذا انحلت المشكلة بهذا الأسلوب -وذلك المرجو إن شاء الله تعالى- فذلك المطلوب والحمد لله رب العالمين، وإن بقيت المشكلة على حالها، فعليك أن تحاول أن لا تحتك زوجتك بأمك ولو أن تسكنها بيتاً غير البيت الذي تسكن فيه أمك -إن رضيت بذلك أمك-، وإن حدث شيء من ذلك وأنت حاضر فهدئهما واصرفهما عن ذلك الموضوع إلى موضوع آخر.

ثم بعد هذا كله لا يخفى عليك أن من الزوجات من تتظاهر لزوجها في ثوب المظلوم، وهي في واقع الأمر ظالمة، لتحمله بذلك على عقوق أمه أو أبيه، ولا يخفى أن هذا هو عين الهلاك بالنسبة لزوجها المسكين، فالله جل وعلا قرن الأمر بالإحسان إلى الوالدين بالنهي عن الشرك به قال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36}، فحق في هذه المرتبة يجب أن يحافظ عليه ولا يضاع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني