الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشكلة زوجية وعلاجها

السؤال

أنا فتاة متزوجة منذ خمس سنوات أعيش في بلجيكا، لأن زوجي يعمل هنا، وقبل أن أوافق على الزواج به اشترط عليه أبي أن نعيش بالحلال قبل أن آتي إلى بلجيكا، وكان قد أخبرني أنه يملك منزلا من ماله الخاص وأنه يعمل في الشرطة الفدرالية، فلم أهتم لحالته المادية، بل قبلت الزواج به لما أظهره من الاحترام والكرم وأنه شخص يخاف الله في أفعاله، وعند استعدادنا للعرس حصلت مشاكل في عدد الضيوف وتجرأ على أمي بالسب والصراخ..... وبعد العرس أتيت إلى بلجيكا بحجة أن منزلنا غير مكتمل، وعشت معهم سنة ونصف واكتشفت أن المنزل قد اشتراه بالربا، فاشتغلت كي أخفف عليه عبء مصاريفي كامرأة... فكان يعيرني ويمن علي في كل خصام بيننا بما يصرفه علي وما اشتراه لي، وبعد ذلك أصبح يرغمني على أن أعطيه نصف مدخولي بحجة أننا نعيش في بلاد الغرب وأن الزوجة يجب أن تساعد زوجها في المصاريف، فقبلت رغما عني، ولا زلنا نعيش مع أمه التي أصبحت تنظر إلينا باحتقار، فأخبرته أنني لن أعطيه من مالي، فقال لي: إن أنت منعت مالك عني فسوف أطلقك، وإن أردت المكوث في المنزل إلى أن تكملي عدتك فيجب أن تعطيني من مالك.. ولا يصلي إلا في الشدة، وهو لا يكف عن أخذ الربا... فسقط من عيني كرجل، وما أسقطه أكثر هو أنني اكتشفت أنه منذ زواجنا كان يخونني عبر الأنترنت زيادة على عدم احترامه لي في كل نقاش بالسب واللعن والضرب وأقبح الشتائم وتهديده لي بالطلاق في كل مشكلة صغيرة كانت أم كبيرة...

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن أهم مقومات النجاح في الحياة الزوجية أن تكون قائمة على طاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن تقوم أيضا على التعاون والاحترام المتبادل بين الزوجين، ومعرفة كل منهما للآخر حقه عليه، قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة:228}.

وفي الفتوى رقم: 27662، بين الحقوق الزوجية.

وإن كان زوجك على الحال الذي وصفت فقد أتى جملة من المنكرات، فهو عاص لربه بتضييعه للصلاة، واقتراضه بالربا، وتواصله مع نساء أجنبيات، وفي الوقت ذاته فإنه مفرط في حقك كزوجة بما ذكرت من السب واللعن والضرب ونحو ذلك، ومن كان مفرطا في حق ربه لا يستغرب منه أن يفرط في حق خلقه، وانظري الفتاوى التالية أرقامها: 1195، 1746، 156977.

ومن أولى ما نوصيك به هو الدعاء بأن يصلح الله لك زوجك، فهو سبحانه على كل شيء قدير، ولا يخيب رجاء من دعاه وعلق قلبه به، قال سبحانه: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}.

وإن لم ينفعه نصحك فسلطي عليه من ترجين أن يقبل نصحه، فإن استقام أمره وصلح حاله فذاك، وإلا فانظري في أمر مفارقته بخلع أو طلاق إن رجوت أن يكون ذلك هو الأصلح لك، وإلا فلا بأس بأن تصبري عليه وتستمري في محاولة إصلاحه.

وننبه في الختام إلى بعض الأمور:

الأول: أن المسكن المستقل حق للزوجة وأنها لا يلزمها أن تسكن مع أقارب الزوج، كما بيناه في الفتوى رقم: 34802.

الثاني: أن المال الذي تكتسبه الزوجة حق خالص لها، فلا يجوز لزوجها أخذ شيء منه إلا برضاها، وإن اشترط عليها العمل مقابل دفع مبلغ من المال له، فلا حرج في ذلك ويلزمها أن تفي له به، وراجعي الفتوى رقم: 19680.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني