الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

كنت في جدال مع صديق لي، فقال لي: إن سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم، لم يكلفه الله بإيصال الوحي للناس، ويقصد أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصل إلينا الرسالة دون تكليف من الله، إذا كان معنى كلمة نبي أنه من أنزل عليه الوحي، ولم يكلف بإيصاله للناس، فهل يوجد دليل من القرآن والسنة على أن الله أوجب على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أن يوصل ذلك الوحي للناس؟ أم إن النبي صلى الله عليه وسلم أوصل إلينا الوحي دون أن يكلفه الله بذلك؟ وهل أمره كان واجبًا على الرسول صلى الله عليه وسلم؟ أم هو مخير إن شاء أوصل الرسالة وإن شاء لم يوصلها وليس عليه شيء؟ وهل هناك دليل واضح أن الله أوجب عليه هذا العمل بصفة الوجوب بإيصال الرسالة إلى الناس؟ أرجو أن تفيدوني في معنى محمد رسول الله، والتركيز خاصةً على كلمة رسول.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الله تعالى كلف نبيه صلى الله عليه وسلم بتبليغ الوحي للناس، وقد دل على ذلك الأمر قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ {المائدة: 67}.

قال القرطبي: والصحيح القول بالعموم، قال ابن عباس: المعنى بلغ جميع ما أنزل إليك من ربك، فإن كتمت شيئًا منه، فما بلغت رسالته، وهذا تأديب للنبي صلى الله عليه وسلم، وتأديب لحملة العلم من أمته ألا يكتموا شيئًا من أمر شريعته، وقد علم الله تعالى من أمر نبيه أنه لا يكتم شيئًا من وحيه، قال البخاري عند تفسير هذه الآية: حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا سفيان، عن إسماعيل، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: من حدثك أن محمدًا كتم شيئًا مما أنزل الله عليه، فقد كذب، الله يقول: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ {المائدة: 67} الآية.

وقال الشوكاني: العموم الكائن في ما أنزل، يفيد أنه يجب عليه صلى الله عليه وسلم أن يبلغ جميع ما أنزل الله إليه، لا يكتم منه شيئًا، وفيه دليل على أنه لم يسر إلى أحد مما يتعلق بما أنزله الله إليه شيئًا. اهـ.

وأما كلمة: محمد رسول الله: فهي تعني أن سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم مرسل من قبل الله تعالى، كما قال تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا {البقرة:119}، وقال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ {الأنبياء:107}.

والرسول هو المبعوث بالرسالة، فقد جاء في المصباح: وأرسلت رسولًا بعثته برسالة يؤديها، فهو فعول بمعنى مفعول، يجوز استعماله بلفظ واحد للمذكر والمؤنث، والمثنى والمجموع، ويجوز التثنية والجمع، فيجمع على رسل بضمتين، وإسكان السين لغة. اهـ.

وراجع للفائدة الفتوى رقم: 53449.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني