الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إخراج الفدية عن الوالد العاجز عن الصيام

السؤال

والدي مريض مرضًا مزمنًا، وليس لديه المال لكي يخرج الفدية، فهل لي أن أخرجها عنه، أو أعطيه المال لكي يشتري طعامًا، ويخرج منه مدًّا عن كل يوم أفطره؟ وأنا الذي أصرف عليه وعلى جميع العائلة؟ وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما دام والدك مريضًا مرضًا مزمنًا لا يُرجى برؤه، فالواجبُ عليه إطعام مسكين عن كل يوم، إذا كان يستطيع، كما قال الله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ {البقرة: 184}.

وهذه الفدية إنما تلزمه هو إذا كان عنده مال، فإن لم يكن عنده مال، فلا شيء عليه حتى يجده، قال الله تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286}، وقال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78}.

ولا مانع من أن تخرج أنت عنه الإطعام على كل حال، إذا كان ذلك بإذنه؛ لأنها عبادة، لا بد فيها من النية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات. متفقٌ عليه.

ولا مانع أيضًا من أن تعطيه المال ليشتري به الإطعام، وانظر الفتوى رقم: 113207.

وأما صرفك على والدك والإنفاق عليه، فلا يوجب عليك الكفارة عنه؛ لأن الكفارة ليست من جنس النفقات، فلا تجب عن من تجب نفقته، ولو كان أحد الأبوين، أو الزوجة، وإنما تجب على صاحبها؛ لأنها عبادة متعلقة بالشخص نفسه، وقد بين الفقهاء ما يجب على المنفق في محله، وليس منه الكفارة، وجاء في فتاوى الباب المفتوح لابن عثيمين سؤال: أدرك جدتي رمضان وهي لا تقدر على الصوم، وأبي كان يتساهل في هذا الأمر من ناحية إطعام يوم محل هذا الفطر الذي تفطر أمه، وتوفيت جدتي، فماذا يجب عليه الآن؟ وهل لو أخرجت أنا الإطعام عنه يسقط عنه هذا الإثم؟

الجواب: الإطعام ليس على أبيك؛ إذ لا يلزم الزوج أن يطعم عن صيام زوجته، ولا أمه... ولا كفارتها، مسائل العبادات تجب على كل إنسان بنفسه، ليست من جنس النفقات، النفقات صحيح أنها تجب على من تجب عليه النفقة حسب الشروط المعروفة عند العلماء، لكن الواجب الذي يتعلق بالعبادة على نفس المكلف.

على كل حال؛ إذا أحب الآن هو أو أحد إخوته أن يطعم عنها عن كل يوم مسكينًا، فهذا جيد.

والحاصل أنه يجوز لك أن تخرج الفدية عن والدك بإذنه، وذلك من باب التبرع له، والبر به، والإحسان إليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني