الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عدم التسرع في الجزم بوجود علاقة للزوجة مع آخر

السؤال

تزوج أخي من ابنة عمتي، وبعد الزواج، أصبحت حاملاً، فوجد رسائل لها تثبت أنها على علاقة بشخص آخر وما زالت مستمرة بعد الزواج، وأنها تكره أخي، ولقد تزوجته لغرض مادي. فما حكم الشرع في هذه الحالة؟ هل يطلقها، أم ينصحها ويعطيها فرصة أخيرة، أم يخبر أهلها؟ مع العلم بأن صلة الرحم هنا قوية، ويخاف عليها من الضياع.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأصل هو إحسان الظن بالمسلم، وحمل تصرفاته على أحسن محمل ممكن، ويتأكد هذا بين الزوجين لما أمرا به من حسن العشرة، ولما بينهما من رباط وثيق.

إذا تقرر هذا، فإن الواجب هو التروي وعدم التسرع في الجزم بوجود علاقة لزوجة أخيك مع آخر، إذ أن الشيطان قد يقود بسبب ذلك إلى أمور لا تحمد عقباها من خلال هذه الوساوس والتخيلات، والأسلوب الأمثل في علاج مثل هذه المشكلة هو مصارحة أخيك لزوجته، مع ذكر عبارات حسن الظن والثقة بها، فلعلها تكون قد تابت وندمت على ما فات.

أما إن ثبت يقينًا أنها ما تزال على علاقة بذلك الشخص، فعليه باتخاذ الوسائل التي تحجزها وتمنعها من الاتصال به، أو مراسلته أو اللقاء به، مع اتباع العلاج الرباني لنشوز المرأة والذي يتلخص في الآتي:

أولاً: وعظها وإرشادها، وتذكيرها بالله تعالى.

ثانياً: هجرها في الفراش، إذا لم ينفع النصح.

ثالثاً: إن لم يكن الهجر في الفراش رادعاً لها، فله أن يضربها ضرباً غير مبرح.

رابعاً: إن لم تنـزجر بكل هذا، وخشي أن يحدث بينه وبينها شقاق، فليحكم أهل العقل والرأي من أهله وأهلها، فلعل الله تعالى يوفقهم إلى الرشاد والصواب، ولو كان بالفرقة والطلاق. قال تعالى: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً * وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً [النساء:34، 35].

وينبغي أن يكثر من الدعاء بأن يصلح الله بينهما، فإن القلوب بين يدي الرحمن، ولا يتسرع في أمر الطلاق حفاظًا على كيان الأسرة وصلة الرحم، لاسيما إن كان له منها أولاد.

فإن لم تُجد معها تلك الوسائل، فلا خير له في إمساكها، ولا حرج عليه في طلاقها، ولو أدى ذلك إلى غضب أهلها، بل يتعين ذلك عليه في حال إصرارها على العلاقة المحرمة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:ثَلاَثَةٌ لاَ يَنْظُرُ اللّهُ عَزّ وَجَلّ إلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْعَاقّ لِوَالِدَيْهِ وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجّلَةُ وَالدّيّوثُ. رواه أحمد والنسائي. وفي رواية أحمد: ثلاثة حرم اللّه عليهم الجنة: مدمن الخمر، والعاق لوالديه، والذي يقر في أهله الخبث.

قال السيوطي في شرحه على النسائي: والديوث بالمثلثة: هو الذي لا يغار على أهله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني