الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المذموم هو الاستعجال وليس الدعاء بالنصر.

السؤال

الحمد لله وبعد
كيف يمكننا التوفيق بين قول الرسول للصحابة عندما أرادوا أن يدعو لهم الله بأن ينصرهم وذلك في بداية ظهور الإسلام فقال لهم { ..ولكنكم قوم تستعجلون }.. الحديث، وبين الآية في سورة البقرة 214 وفيها { حتى يقول الرسول والذين معه متى نصر الله } ففي الحديث الصحابة طلبوا النصر والرسول رأى أن هذا استعجال، وفي الآية تبين أن كلاهما يطلب النصر.. فكيف يكون التوفيق ..والسلام

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد روى البخاري عن خباب بن الأرت قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟ قال: كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض، فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار، فيوضع على رأسه فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخاف إلا الله، والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون. وقد أجاب الحافظ بن حجر عن الإشكال الذي أورده السائل، فقال: وليس في الحديث تصريح بأنه صلى الله عليه وسلم لم يدع، بل يحتمل أنه دعا، وإنما قال: قد كان من قبلكم... الخ تسلية لهم وإشارة إلى الصبر حتى تنقضي المدة المقدورة، وإلى ذلك الإشارة بقوله في آخر الحديث: ولكنكم تستعجلون. انتهى المراد من كلام الحافظ. فالمذموم من الحديث هو الاستعجال قبل الأوان وليس طلب النصرة. أما قوله تعالى: حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ [البقرة:214]. فللعلماء فيها أقوال. قال القرطبي في تفسيرها: والرسول هنا شعيا في قول مقاتل وهو اليسع، وقال الكلبي: هذا في كل رسول بعث إلى أمته، وأجهد في ذلك حتى قال: متى نصر الله؟ وروي عن الضحاك قال: يعني محمداً صلى الله عليه وسلم، وعليه يدل نزول الآية. والله أعلم... وأكثر المتأولين على أن الكلام إلى آخر الآية من قول الرسول والمؤمنين، أي بلغ الجهد بهم حتى استبطؤوا النصر، فقال الله: أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ويكون ذلك من قول الرسول على طلب استعجال النصر، لا على شك وارتياب، والرسول اسم جنس، وقالت طائفة: في الكلام تقديم وتأخير، والتقدير حتى يقول الذين آمنوا متى نصر الله؟ فيقول الرسول: ألا إن نصر الله قريب، فقدم الرسول في الرتبة لمكانته، ثم قدم قول المؤمنين لأنه المتقدم في الزمان، قال ابن عطية: وهذا تحكم وحمل الكلام على وجهه غير متعذر... انتهى. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني