الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مراتب الناس في الدين وجزاؤهم

السؤال

ما هو الفرق بين المسلم و المؤمن؟ وما هي درجات المؤمنين؟ وما هو الحال مع من كان مسلم فقط بالنسبة للحساب في الآخرة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الدين ثلاث درجات: إسلام ثم إيمان ثم إحسان، وقد دل على ذلك حديث جبريل، وسؤاله للنبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام ثم الإيمان ثم الإحسان، وجمهور أهل السنة على أن المؤمن أعلى درجة من المسلم، والمحسن أعلى منهما، وهذا كقوله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ [فاطر: 32]. فالظالم لنفسه صاحب الذنب المصر عليه، ومن أتى بالإسلام الظاهر مع التصديق الباطني، لكن لم يقم بما يجب عليه من أمور الإيمان، والمقتصد هو المؤدي للفرائض المجتنب للمحارم، وهذه درجة الإيمان، والسابق بالخيرات هو المؤدي للفرائض والنوافل، وهذه درجة الإحسان. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: يدل على ذلك أنه قال في حديث جبريل: هذا جبريل جاءكم يعلمكم دينكم. فجعل الدين هو الإسلام والإيمان والإحسان، فتبين أن ديننا يجمع الثلاثة، لكن هو درجات ثلاث: مسلم ثم مؤمن ثم محسن، كما قال تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ [فاطر: 32]. والمقتصد والسابق كلاهما يدخل الجنة بلا عقوبة، بخلاف الظالم لنفسه، وهكذا من أتى بالإسلام الظاهر مع تصديق القلب، لكن لم يقم بما يجب عليه من الإيمان الباطن، فإنه معرض للوعيد. انتهى، من مجموع الفتاوى 7/ 10، وانظر 11/ 185. فمن زال عنه اسم الإيمان المطلق، وبقي في درجة الإسلام لتفريطه في بعض الواجبات أو فعله بعض المحرمات من غير توبة، فهو معرض للعقوبة، واقع تحت المشيئة، إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه، لكن مآله إلى الجنة لكونه مسلما موحدا، فلا يخلد في النار أحد من أهل التوحيد، وقد ترفع عنه العقوبة لحسنة ماحية، أو شفاعة، أو عفو من الغفور الرحيم سبحانه، مع القطع بدخول بعض أهل الكبائر النار لتواتر الأحاديث بذلك، كما تواترت بخروجهم من النار بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وشفاعة غيره، مع التنبيه على أنه لا يوجد مسلم ناجٍ في الآخرة نجاة لا يدخل معها النار أصلا أو يخرج بها من النار إلا ومعه إيمان باطن، أما في أحكام الدنيا، فيوجد من يتظاهر بالإسلام وهو منافق في الباطن. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني