الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الترحم على الكافر والصلاة عليه

السؤال

ما حكم الترحم على الكافر، والصلاة عليه؟ هل هي معصية فقط أم كفر؟ ما هو الراجح؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الترحم على الكافر والصلاة عليه من المحرمات المجمع عليها، ومن الاعتداء في الدعاء: لقوله تعالى: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ {التوبة:113}.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى: وقد قال تعالى: (ادعوا ربكم تضرعًا وخفية إنه لا يحب المعتدين) ـ في الدعاء، ومن الاعتداء في الدعاء: أن يسأل العبد ما لم يكن الرب ليفعله، مثل: أن يسأله منازل الأنبياء وليس منهم، أو المغفرة للمشركين، ونحو ذلك. انتهى.

وهذه المسألة خطيرة؛ لكونها مخالفة للإجماع، وذكر فيها بعض أهل العلم أكثر من وجه لتكفير فاعلها، قال القرافي: اعلم أن الدعاء الذي هو الطلب من الله تعالى له حكم باعتبار ذاته، من حيث هو طلب من الله تعالى، وهو الندب؛ لاشتمال ذاته على خضوع العبد لربه، وإظهار ذلته وافتقاره إلى مولاه، فهذا ونحوه مأمور به، وقد يعرض له من متعلقاته ما يوجبه أو يحرمه، والتحريم قد ينتهي للكفر، وقد لا ينتهي:

فالذي ينتهي للكفر أربعة أقسام:

القسم الأول: أن يطلب الداعي نفي ما دل السمع القاطع من الكتاب والسنة على ثبوته، وله أمثلة: الأول: أن يقول: اللهم لا تعذب من كفر بك، أو اغفر له، وقد دلت القواطع السمعية على تعذيب كل واحد ممن مات كافرًا بالله تعالى؛ لقوله تعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به {النساء: 48}، وغير ذلك من النصوص، فيكون ذلك كفرًا؛ لأنه طلب لتكذيب الله تعالى فيما أخبر به، وطلب ذلك كفر، فهذا الدعاء كفر. اهـ.

وجاء في الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء على أن الاستغفار للكافر محظور، بل بالغ بعضهم، فقال: إن الاستغفار للكافر يقتضي كفر من فعله؛ لأن فيه تكذيبًا للنصوص الواردة التي تدل على أن الله تعالى لا يغفر أن يشرك به، وأن من مات على كفره، فهو من أهل النار. انتهى.

والتكفير له شروط وموانع، يعرفها أهل العلم، وهم الذين يحكمون به، فليس كل من وقع في عمل مكفر حكم بكفره، فالتكفير المطلق يختلف عن تكفير الشخص المعين.

وعلى المسلم أن يبذل جهده في التفقه في دينه، والحذر من المكفرات وكبائر الذنوب لنجاة نفسه أولًا.

وليحذر إخوانه ومن يراه واقعًا فيها -بقدر الاستطاعة-، قال الله تعالى: وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ {التوبة:122}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني