الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأرباح والخسائر في شركة العنان الفاسدة

السؤال

دخلت في شراكة لبيع الأبقار بالتقسيم الآتي: اثنان منا يستثمران في بناء حظيرة على أرض الثالث، وشراء الأبقار من مالهما. على أن يقوم الثالث بتوفير أرضه للبناء، والقيام على الأبقار سواء توفير الأكل أو الحراسة...
وبعد مدة باع الثالث هذه الأبقار وخسرنا فيها، وكل ما بقي في هذا الاستثمار هو الحظيرة على أرض الثالث، والمال الذي بيعت به الأبقار. ونريد تقسيمه حسب شرع الله؛ لأن هذا الاستثمار على حد علمي هو مضاربة. فدلونا جزاكم الله خيرا.
علما أن أحد المستثمرين يريد ماله. فهل يمكن لي أنا كأحد المستثمرين، أن آخذ الحظيرة؛ لأنها بنيت تقريبا بنصف الاستثمار؟ وماذا للأخ الذي وفر أرضه وجهده؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ذكرت في سؤلك أن مقتضى الشركة أن يستثمر اثنان منكما في بناء حظيرة على أرض الثالث، وشراء الأبقار من مالهما. على أن يقوم الشريك الثالث بتوفير أرضه للبناء، والقيام على الأبقار بتوفير الأكل والحراسة وغير ذلك.

وإذا كانت الشركة في رأس المال والعمل، فهي تسمى شركة العنان عند الفقهاء، وهي أن يشترك اثنان أو أكثر بمال، على أن يكون العمل منهما جميعا، والربح بينهما على نسبةٍ شائعةٍ، حسب ما يتفق عليه. والخسارة على كل بحسب نصيبه في رأس المال. ولا يشترط تساوي رأس مال الشركاء.

وقد وضع لها الفقهاء أركاناً وشروطا لضبطها، من أهمها: أن يكون رأسُ مال الشركة معلوما غير مجهول. وأن يكون رأس مال الشركة حاضرا، فلا تصح الشركة بمال غائب أو دين؛ لأنه لا يمكن التصرف فيه في الحال، والتصرف فيه هو المقصود من الشركة. كما يشترط أيضا: أن تكون حصة كل شريك من الربح معلومة، بأن تكون جزءا شائعا؛ كالثلث أو الربع أو النصف مثلا.

وما ذكر في السؤال من أن رأس مال الشريك الثالث هو علف الحيوان وحراسته، والاستثمار على أرضه، رأس مال غير معلوم؛ مما يؤدي إلى عدم صحة تلك الشركة.

قال ابن قدامة -رحمه الله تعالى- في المغني: لا يجوز أن يكون رأس المال مجهولاً، ولا يجوز أن يكون رأس مال الشركة مجهولاً ولا جزافاً، لأنه لا بد من الرجوع به عند المفاصلة، ولا يمكن مع الجهل والجزاف، ولا يجوز بمالٍ غائبٍ ولا دينٍ؛ لأنه لا يمكن التصرف فيه في الحال، وهو مقصود الشركة. اهـ.

وقال البهوتي في كشاف القناع: ولها: أي شركة العنان، شروط، منها: أن يكون المالان المعقود عليهما معلومين، فلا تصح على مجهولين؛ للغرر. اهـ.

ومتى فسدت الشركة، استحق كل شريك رأس ماله وربحه، وعليه لشريكه أجرة عمله إن كان عمل في الشركة. وانظر الفتويين:16209/ 70128.

وعلى هذا؛ فقولك: ( فهل يمكن لي أنا كأحد المستثمرين، أن آخذ الحظيرة؛ لأنها بنيت تقريبا بنصف الاستثمار؟ وماذا للأخ الذي وفر أرضه وجهده؟)

جوابه: أنك لا تستقل بذلك، وإنما يكون لكل شريك رأس ماله وربحه، وعليه أجرة المثل لشريكه مقابل عمله وجهده، وصاحب الأرض رأس ماله منفعة الأرض، فيكون له أجرتها، وأجرة عمله في الحراسة، مع ما بذل في العلف.

وينبغي مشافهة أهل العلم بالمسألة مباشرة حيث أنتم؛ لمعرفة كيفية قسمة تلك الأملاك، وإعطاء كل شريكه حقه دون حيف وغبن.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني