الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يأثم من لا يساعد من تلبس به جني في التخلص منه

السؤال

أريد أن أحكي سبب دخولي للموقع: السبب أني في عمر 17، ولا أحب أن أتواصل مع الناس، رغم مدحهم وإعجابهم بي، ولكني أراهم يجاملونني، وذلك بسبب عدم الثقة.
وفي هذه السنة حدثت معي مشاكل، وكنت أبكي كثيرا، وكانت لي صديقة، هي لم تكن صديقتي لكنها أصبحت صديقتي.
المهم أتت تواسيني، وأنا أشكو، وهي تقول لي إن هناك ناسا عندهم مشاكل أكثر وأكبر، وأنت لا بد أن تحمدي ربك، أنت مخطئة فيما تقومين به وهكذا، وقالت لي غدا سأحكي لك عن مشكلتي، وستكونين ثاني شخص يعرفها، لكن عديني ألا تفكري بعدها. قلت لها: سأحاول.
وفي اليوم الذي بعده جلست تحكي لي، ومن هنا عرفت أن الفتاة ملبوسة من الجن العاشق، بسبب التحصين في الصغر، ولم تخبر أحدا إلا اثنين أنا وحبيبها، لكن الذي استغربته أنها قالت لي: أحس أني أحبه، وأحس بأنه مسلم؛ لأنه ينصحني بالصلاة، وبالأشياء الجيدة. وتأقلمت مع وضعي، ولم أستطع أن أقول لأحد. وسألتها: ولماذا قلت لي أنا؟ قالت: لما رأيتك أحسست أنني سأحكي لك، ولا أعرف لماذا؟
بكيت كثيرا عليها؛ لأنها بنت لا تستحق وهي ممتازة كثيرا؛ ولهذا قررت أن أساعدها، لكن سمعت أن من الغلط أن أساعدها؛ لأنه أحيانا يرجع كل هذا علي أنا ويضرني.
هل حقا يمكن أن يضرني الجن إذا حاولت مساعدتها؟ وماذا أفعل لأني أحس بذنب أني أعرف ولا أستطيع أن أساعدها؟
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان الواقع ما ذكرت من أن هذه الفتاة متلبس بها ما يسمى بالجن العاشق، فلا يجوز لها أن تستكين لهذا الأمر.

فالواجب عليها السعي في التخلص منه، باتخاذ الأسباب المشروعة في ذلك، برقية نفسها إن قدرت على ذلك، أو الذهاب إلى من يرقيها من الصالحين، مع مراعاة الضوابط الشرعية في ذلك من لزوم الستر عند الأجنبي مثلا، وراجعي الفتوى رقم: 4310، ورقم: 128481.

وعليها أن لا تغتر بما هو مذكور من كونه مسلما يحضها على الصلاة، فالعلاقة بين الإنسي والجني في هذا الجانب يمكن أن تكون بابا وذريعة عظيمة للفساد، ويجب سد الذرائع إلى الشر، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 7607.

ولست مذنبة إن لم تساعديها بهذا الخصوص، ولكن إن كان هنالك ما يمكنك أن تساعديها به من الأمور المباحة، فينبغي أن تفعلي، فقد ندب الشرع إلى إعانة المحتاج وبين فضيلة ذلك، روى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة؛ ومن يسر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة؛ ومن ستر مسلما، ستره الله في الدنيا والآخرة. والله في عون العبد، ما كان العبد في عون أخيه... الحديث.

ولا يلزم من مساعدتك لها أن يصيبك شيء من الضرر، وينبغي لك على كل حال أن تحرصي على تحصين نفسك بتلاوة القرآن وذكر الله تعالى، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء خاصة، فالذكر حصن منيع من شياطين الإنس والجن، ففي الحديث الذي رواه الترمذي وغيره عن الحارث الأشعري -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله أوحى إلى يحيى بن زكريا بخمس كلمات، أن يعمل بهن، ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن، ... وفيه: وآمركم بذكر الله كثيرا، ومثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره، حتى أتى حصنا فأحرز نفسه فيه، وكذلك العبد لا ينجو من الشيطان إلا بذكر الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني