الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ترشيح المدير لموظف لمهمة عمل لكونه أكثر كفاءة هو العدل

السؤال

هل إذا حصل الموظف على مهمة عمل، كان رشحه لها مديره؛ لكفاءته، أكثر من مرة، يكون ذلك حراما، وفيه ظلم للموظفين الآخرين معه في القسم، ولكنهم لا يجيدون في العمل مثله، ولا يكترثون كثيرا للعمل؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان المعتبر في الاختيار لهذه المهمة هو الكفاءة وحدها، دون النظر إلى عدد المرات، فإن تكرار هذا الاختيار بناء على الكفاءة، لا يسوغ فقط للمدير، بل يلزمه ذلك، ولا يسعه غيره! وليس في ذلك ظلم للموظفين الآخرين، طالما أنهم أقل في الكفاءة، فضلا عن أن يكونوا غير مجدين في العمل. بل هذا هو مقتضى العدل، فالعدل يقتضي: التسوية بين المتساوين، والتفرقة بين المختلفين. فمن الظلم أن نفرق في الأولى، ومن الظلم أيضا أن نسوي في الثانية، وفرق كبير بين العدل والمساواة.

قال الشيخ ابن عثيمين في التنبيه على هذا الفرق: يجب أن ننبه على أن من الناس من يستعمل بدل العدل: المساواة! وهذا خطأ، لا يقال: مساواة، لأن المساواة قد تقتضي التسوية بين شيئين، الحكمة تقتضي التفريق بينهما ... لكن إذا قلنا بالعدل، وهو إعطاء كل أحد ما يستحقه، زال هذا المحذور، وصارت العبارة سليمة. ولهذا لم يأت في القرآن أبداً أن الله يأمر بالتسوية! لكن جاء: {إن الله يأمر بالعدل} [النحل: 90]، {وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل} [النساء: 58]. وأخطأ على الإسلام من قال: إن دين الإسلام دين المساواة! بل دين الإسلام دين العدل، وهو الجمع بين المتساويين، والتفريق بين المفترقين، إلا أن يريد بالمساواة: العدل، فيكون أصاب في المعنى، وأخطأ في اللفظ. ولهذا كان أكثر ما جاء في القرآن نفي المساواة: {قل هو يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون} [الزمر: 9]، {هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور} [الرعد: 16]، {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا} [الحديد: 10] ،{لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله} [النساء: 95]. ولم يأت حرف واحد في القرآن يأمر بالمساواة أبداً، إنما يأمر بالعدل. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني