الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل رمي المناديل التي مُحي بها اسم الله أو آية أو حديث حرام أم مكروه؟

السؤال

هل رمي المناديل التي مُحي بها اسم الله، أو آية، أو حديث: حرام أم مكروه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فيجب صون ما محي به اسم الله تعالى عن الإلقاء في القاذورات، ومخالطة النجاسات، ونحو ذلك.

وأما الطاهرات، فلا يجب تنزيهه عنها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: وَإِذَا كُتِبَ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ، أَوْ الذِّكْرِ فِي إنَاءٍ، أَوْ لَوْحٍ، وَمُحِيَ بِالْمَاءِ وَغَيْرِهِ، وَشُرِبَ ذَلِكَ، فَلَا بَأْسَ بِهِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ، وَنَقَلُوا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ كَلِمَاتٍ مِنْ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ، وَيَأْمُرُ بِأَنْ تُسْقَى لِمَنْ بِهِ دَاءٌ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ لِذَلِكَ بَرَكَةً. وَالْمَاءُ الَّذِي تَوَضَّأَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هُوَ أَيْضًا مَاءٌ مُبَارَكٌ، صُبَّ مِنْهُ عَلَى جَابِرٍ وَهُوَ مَرِيضٌ، وَكَانَ الصَّحَابَةُ يَتَبَرَّكُونَ بِهِ، وَمَعَ هَذَا؛ فَكَانَ يَتَوَضَّأُ عَلَى التُّرَابِ، وَغَيْرِهِ، فَمَا بَلَغَنِي أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْمَاءِ يُنْهَى عَنْ صَبِّهِ فِي التُّرَابِ، وَنَحْوِهِ، وَلَا أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ نَهْيًا؛ فَإِنَّ أَثَرَ الْكِتَابَةِ لَمْ يَبْقَ بَعْدَ الْمَحْوِ كِتَابَةً. وَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ مَسُّهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حُرْمَةٌ، كَحُرْمَتِهِ مَا دَامَ الْقُرْآنُ وَالذِّكْرُ مَكْتُوبًا بِهِ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ صِيغَ فِضَّةٌ، أَوْ ذَهَبٌ، أَوْ نُحَاسٌ عَلَى صُورَةِ كِتَابَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ، أَوْ نُقِشَ حَجَرٌ عَلَى ذَلِكَ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ، ثُمَّ غُيِّرَتْ تِلْكَ الصِّيَاغَةُ، وَتَغَيَّرَ الْحَجَرُ، لَمْ يَجِبْ لِتِلْكَ الْمَادَّةِ مِنْ الْحُرْمَةِ مَا كَانَ لَهَا حِينَ الْكِتَابَةِ. إلى أن قال -رحمه الله-: وحينئذ فصون هَذِهِ الْمِيَاهِ الْمُبَارَكَةِ مِنْ النَّجَاسَاتِ مُتَوَجِّهٌ، بِخِلَافِ صَوْنِهَا مِنْ التُّرَابِ وَنَحْوِهِ مِنْ الطَّاهِرَاتِ. انتهى.

وما ذكره في خصوص الماء الممحو به الذكر، يصدق على ما محي به الذكر من غير الماء، وقد تضمن كلامه الإشارة إلى ذلك.

والحاصل؛ أن هذه المناديل إن وضعت، أو ألقيت في مكان طاهر، لم يكن بذلك بأس، ولكنها تصان عن الإلقاء في الأماكن النجسة، والقذرة، ونحوها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني