الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فضل الوالدين على الأولاد لا يوازيه فضل أحد

السؤال

الإسلام دين عظيم، لم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا أوردها، وبالتالي لم يهمل أهم عوامل بناء المجتمع وهو الأسرة، حيث وضع لها التنظيم الدقيق والحسن. من هنا جاء حق النفقة ووجوبها على الزوج، وبذات الوقت جعل حقه على الزوجة وطاعتها له أول أولوياتها، بعد طاعته عز وجل، وطاعة رسوله، حتى إنها قُدمت على طاعة الوالدين اللذين ذكرهما عز وجل في كتابه بالإحسان إليهم عقب ذكر عبادته.
ولكني وددت السؤال لو تكرمتم: هل فضل الوالدين أعظم أم فضل الزوج؟ وأنا هنا أقول: الفضل وليس الحق؛ لأن من الطبيعي أن يقدم حق الزوج؛ لما فيه من حفظ كيان الأسرة، لكن هنا أسأل.
1- حب الوالدين حب غير مشروط أبدًا، وهما الوحيدان في العالم اللذان سيحبان ابنهما أو بنتهما، وسيقدمان لهما كل شيء دون انتظار أي مقابل. بل كل ما سيريدانه من الأولاد هو مصلحتهم، وتعليمهم وتفوقهم في الحياة. حتى وإن كان الطفل عديم الفائدة في بيته، وحتى وإن أخطأ، فهما يظلان يحبانه، ويعتنيان به، ويقدمان له النفقة والحب.
2- في المقابل حب الزوج هو حب مشروط، يقوم على تبادل المنفعة، أي على خدمة الزوجة له وطاعتها له، وإذا ما تركت تلك الطاعة، ترك نفقتها وما إلى ذلك، وإن أخطأت قد يصل الأمر للطلاق. أي أنه حب وتقديم للرعاية والنفقة بمقابل منتظر، وهذا طبيعي.
وربما من هنا أيضًا وجب تقديم طاعة الزوج إذا تعارضت مع طاعة الأبوين، هما لن يكرها ابنتهما مما حصل وحدث، على النقيض من الزوج فقد يدمر بيت الأسرة. والإسلام دين يحفظ البيت وكيانه، ويحفظ الأسرة ليحفظ المجتمع من الفساد.
وهنا أعيد سؤالي: أيهما أعظم فضل الوالدين أم الزوج؟ الفضل وليس الحق، فلربما حق الزوج الذي أصبح فوق حق الوالدين، يعد من قبيل الحفاظ على الأسرة كذلك؟ مع عدم إنكار حق الزوج وفضله بأي شكل من الأشكال؟ أم لأن الوالدين جبلا على حب الأبناء، بينما الزوج هو محض أجنبي، فكان له الفضل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا شك في عظم فضل الوالدين على ابنتهما، فهما سبب وجودها، وتعبا على أمر تربيتها ونشأتها. والعلاقة بينها وبينهما علاقة نسب وقرابة، لا يتصور أن تزول في وقت من الأوقات، بخلاف العلاقة مع الزوج، فيمكن أن تحدث الفرقة بالطلاق ونحوه، وللمزيد بهذا الخصوص، يمكن مطالعة الفتوى رقم: 58735.

ومع هذا الفضل، فقد ذكر الفقهاء أنها بعد الزواج يكون حق زوجها عليها أعظم، وطاعتها له مقدمة على طاعتها والديها، ولا يعني ذلك نقصانا من ذلك الفضل الذي لوالديها، والذي سبقت الإشارة إليه. وتقديم حقه على حقهما -عند التعارض- له حكمه واعتباراته، وقد التمسنا في فتوى سابقة لنا شيئا من هذه الحِكَم، تجدين ذلك في الفتوى رقم: 112459.

ومنها ما أشرت إليه من مصلحة حفظ كيان الأسرة، وقد لا يخرج من هذا الإطار، نعني حفظ الأسرة، ما ذكرته من أمر الحب بين الزوجين والمحافظة عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني