الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إذن الشركة لبعض الموظفين بعد أن علمت بمخالفتهم لأنظمتها

السؤال

أنا شاب أعمل في شركة خاصة بعيدة عن مقر سكني، وأشتغل بنظام المناوبة -شهر عمل، وشهر راحة-، وفي بداية مسيرتنا مع الشركة كان عقد العمل يشتمل على قانون يقضي بمنح المتزوجين -المهندسين فقط، وليس كل العمال- مبلغًا ماليًّا معتبرًا عوض السكن والإطعام، مع ضمان السكن والأكل للعامل دون أسرته داخل مقر الشركة، لكننا مؤخرًا أجبرنا على إمضاء عقد جديد تحت نوع من الضغوطات، يقضي هذا العقد بأنه يشترط للحصول على المبلغ المالي التعويضي للسكن والإطعام الخروج والكراء خارج مقر الشركة -بعد أن كان مسموحًا لنا بالبقاء-.
قبل أن أتزوج طلبت من مديري مع اثنين من أصدقائي أن نعطى المبلغ المالي التعويضي للسكن والأكل، على أن نقوم بالكراء خارجًا - وهذا مسموح حتى لغير المتزوجين-، وفعلا وبعد قبول إدارة الموارد البشرية أعطينا المبلغ التعويضي، بعد أن وقّعنا على تعهد بخروجنا للكراء خارجًا، ولكننا بقينا في البداية مقيمين داخل الشركة، ونبحث في نفس الوقت عن منزل للكراء، وطالت المدة، وتراخى بعض الأصدقاء عن الخروج والكراء لصعوبة ظروف عملنا، واضطرارنا للعمل حتى في الليل، وفي هذه الفترة تزوجت وتغير مديرنا، وبعد مدة عام تقريبًا لاحظت إدارة الموارد البشرية عدم خروجنا، واشتكتنا لمديرنا الجديد، وقام أحد الأصدقاء بتبرير موقفنا، بأننا ظلمنا، وهذا كان من حقنا حسب العقد القديم، الذي يقضي باستفادة المتزوج من التعويض والبقاء في الداخل في نفس الوقت، وأن التغيير جاء تعسفًا، وكل هذه المبررات صادقة، لكن ما أقلقني هو ما قام به أحد الأصدقاء من إخبارهم أن المدير السابق اتفق معنا على ألا نخرج، وهذا غير صحيح، والذي قام به مديرنا السابق في الحقيقة هو التوسط لنيل التعويض مع الخروج، لكن ما إن حصلنا على التعويض لم يطلب منا الخروج، وكان يرانا نسكن، ونأكل داخل الشركة ولم يتذمر، وبعد أخذ ورد رأى مديرنا الجديد ألا يخسر حماسنا للعمل، وأن يحفزنا، واتفق مع إدارة الموارد البشرية على سكننا، وإطعامنا، وبقائنا داخل الشركة، ونيلنا للتعويض في نفس الوقت، أي: كما كنا في العقد القديم، أو أكثر بقليل فقط، مع عدم تغييرنا للعقد، فما حكم هذا المال المعطى من فضلكم؟ مع العلم أن إدارة الموارد البشرية ستعمل على تغيير اسم هذا المال الزائد في كشف الراتب بزيادة أخرى قانونية؛ لكي يتماشى مع العقد الجديد، وتفادي أي مشاكل مع الإدارة الخارجية للشركة بحكم أن شركتنا عالمية، وهذا الإجراء بتغيير اسم المال التعويضي في كشف الراتب لم يتم بعد، ونحن نستفيد منه لأكثر من سنة الآن باسم مال تعويضي للسكن، والإطعام.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فكان الواجب عليكم الالتزام بمقتضى ما اتفقتم عليه مع المدير الأول من الخروج عن الشركة.

وعلى كل؛ فالحق في ذلك للشركة، وإذا سامحتكم فيه، وأذنت لكم في البقاء؛ فلا حرج عليكم في ذلك، ولكم الانتفاع بالتعويض المذكور، مع البقاء داخل الشركة لإذنها لكم في ذلك -كما ذكرتم-.

وعلى صاحبك أن يستغفر الله تعالى من كذبه في شأن المدير الأول، وأنه اتفق معكم على البقاء، وليس الأمر كذلك، وتغاضيه عنكم لا يعتبر إذنًا صريحًا، ولا يمكن تسميته اتفاقًا، ومن ثم؛ فصاحبك كاذب لا محالة، فعليه التوبة من ذلك بالندم عليه، والعزيمة ألا يعود إليه.

واعلموا أن الصدق منجاة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق، ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، فإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب، ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا. رواه مسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني