الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج ظهور بوادر الريبة من الزوجة

السؤال

لا أعلم كيف أبدأ في الموضوع، لكن قصتي كالتالي:
أنا متزوج منذ ما يقارب 10 سنوات، ولدي طفلتان: 7 سنوات، و4 سنوات. وحياتي كانت في هدوء، وحب وألفة، لكن حدث ما ينغص علي حياتي: زوجتي خانتني بمحادثة هاتفية ما يقارب الشهر عن طريق السناب شات. وأقسمت بالله أنها لم ترسل له صورة، أو تحادثه فيديو، وأنها لا تعلم لم حدث ذلك، وقمت بحذف السناب من جوالها.
فكتمت غيظي، واستغفرت الله عز وجل، وسترتها لوجه الله حتى يسترني جل جلاله، وخوفاً عليها من أهلها.
بقيت يومين لا أعرف ماذا أفعل؟ عشت في هم كبير، توجهت لوالدتي فأخبرتها؛ فطلبت مني الستر عليها، فهي ابنة أختها، وأختي زوجة لأخيها.
وأقسمت لي بكتاب الله ألا تعود لمحادثته، فاستمررت في ستري لها، وبقيت أسبوعا في هم، بعد ذلك أخبرت والدتي أن نذهب لمكة للصلاة ولتصفى النفوس مما حدث. عدنا من مكة، وللأسف بعد يومين قامت بالبحث عنه، وحادثته عن طريق الانستقرام.
أحسست أن الدنيا دارت بي؛ فانهارت، وقالت إنها لا تعلم أيضاً لماذا عادت لذلك، فأخبرت والدتها بنفسها، وأخبرت والدتي أيضاً.
قامت والدتي ووالدتها بالرجاء مني أن أسترها مرة أخرى؛ فسترتها رغبة في رضى الله وستره، ولطلب والدتي ووالدتها.
قمت بأخذ الجوال منها، وأعطيتها جوالا عاديا للاتصال فقط، لكنني لا أعلم ماذا أفعل؟ أتعبتني الشكوك والظنون.
هل ستعود حياتي لما كانت عليه؟ هل إن عدنا ونحن على الفراش عقلها معي أو معه؟ لم أعد أعرف كيف أفكر؟
المؤلم أن والدتها في صدمة مما حدث، فهي معروفة بطيب الأخلاق، والجميع يحبها. جميعنا في صدمة، وما زلنا غير مستوعبين ما حدث.
المتعب في الأمر أني أحبها، وأعلم جداً أنها تحبني. والدتي تقول: اتركها قليلاً، لا تعد لها مباشرة.
قم بحرمانها من الخروج من المنزل سواءً للتسوق أو التنزه، لا تعد لها هاتفا به تطبيقات للتواصل لمدة سنة، اهجرها في الفراش. ولا أعلم كم أهجرها وإلى متى؟ وكم أحرمها من الخروج؟
أرجوكم أشيروا علي؛ فأنا في حيرة من أمري، وتعبت من التفكير والشك.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن صح ما ذكرته عن زوجك من تواصلها مع رجل أجنبي عنها؛ فإنها بذاك تكون قد أخطأت خطأ بينا، وسلكت سبيلا ربما فتح عليها أبواب الفتنة، فوسائل التواصل هذه وإن كانت نعمة، إلا أنها قد تكون نقمة إذا أساء الناس استخدامها، فهي سلاح ذو حدين.

وزوجتك أمانة عندك، فمنعك إياها من أسباب الفساد، والعمل على صيانتها من ذلك، واجب عليك، قال تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ.... {النساء:34}.

قال السعدي: قوامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله تعالى، من المحافظة على فرائضه، وكفهن عن المفاسد، والرجال عليهم أن يلزموهن بذلك. اهـ.

وثبت في الصحيحين عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: والرجل راع في أهله، وهو مسؤول عن رعيته. فيجب عليها أن تتوب إلى الله عز وجل، وشروط التوبة بيناها في الفتوى رقم: 5450

وقد أصبت حين منعتها مما قد يؤدي بها للعودة لمثل ذلك. وإن تابت وأظهرت خيرا وصلاحا، فأحسن عشرتها كأن شيئا لم يكن، واجتهد في تناسي ما مضى، وعاملها بالظاهر، والله يتولى السرائر، ولا تدع الشكوك والظنون تذهب بك كل مذهب، فتعيش في هموم وغموم، فهذا من الشيطان؛ فاستعذ بالله من شره، قال تعالى: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {الأعراف:200}، وأكثر من ذكر الله، فهو القائل: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}.

وليس لك هجرها ما كانت صالحة مستقيمة، فإن عادت لتلك الحال، فهذا نشوز منها، وكيفية علاج النشوز بيناها في الفتوى رقم: 26794، وذكرنا ما قاله العلماء من أن أمد الهجر شهر.

ومن حقك أن تمنعها من الخروج من البيت للسوق ونحوه بغير إذنك، ويجب عليها طاعتك في ذلك، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 47567.

وإذا أذنت لها بالخروج وخرجت، فيجب عليها التزام الضوابط الشرعية من الحجاب، والحشمة ونحو ذلك، حتى لا تفتن الآخرين، أو تفتن في نفسها.

ونوصيك بالحرص على تربية أهلك على الخير والإيمان، وعقد حلقة للتعليم في البيت لتدارس القرآن، وزيادة الإيمان، وكن قدوة لهم، فسترى عاقبة ذلك خيرا بإذن الله.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني