الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعلى وأدنى درجات صلة الرحم

السؤال

هل على الأب أي خطيئة أو ذنب إذا كان له أولاد لا يهتمون بأخت لهم من أم أخرى؟
مع الأخذ في الاعتبار أنه يحاول معهم بكل الطرق، وتوجد استجابة ضعيفه من الأولاد، توجد بعض المكالمات التليفونية، الأخت تطلب بعض الأشياء من الأولاد بشكل مباشر عن طريق التليفون، أو غير مباشر عن طريق الأب. مثل اشتر لي كذا، أو أصلح لي جهاز المحمول، أو الكمبيوتر، أو المعايدة في المناسبات.
فلا توجد قطيعة بمعنى الكلمة، ولكن العلاقة غير جيدة، ولا طيبة مع الأخت؛ بسبب سوء الأحوال بين الأب وأم الأولاد لسنوات طويلة، عانى منها الأولاد، وبسبب الزواج الثاني، ومشاكل أخرى كثيرة.
في بعض الأحيان يضغط الأب على الأولاد بأسلوب صعب وعنيف جدا؛ لإيجاد علاقة طيبة بين الأولاد والأخت. وهذا الأسلوب فيه ذُل وقطيعة من الأب للأولاد. مثل لن أعطيك المال للزواج، لن أدخل بيتكم.
إذا لم يستجب الأولاد بالشكل المطلوب لإسقاط الذنب من وجهة نظر الأب، هل على الأب أن يقاطع أولاده بهذه الطريقة؛ بحجة أنه مشارك في هذه الخطيئة؟
الأب يقول إنه بهذا كأنه مشارك في القطيعة من وجهة نظره؛ على أساس أنه غير راض على العلاقة عن طريق التليفون على أساس أن هذه العلاقه بهذا الشكل لا تسقط الكبيرة أو الخطيئة.
وهل صلة الرحم بالتليفون أو المعايده بالتليفون تكفي؟ أو كما ذكرت كيف هي العلاقة بين الأولاد والأخت.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فصلة الرحم درجات، وأدناها ترك القطع ولو بالسلام، جاء في غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب: ... قَالَ مُثَنَّى: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: الرَّجُلُ يَكُونُ لَهُ الْقَرَابَةُ مِن النِّسَاءِ فَلَا يَقُومُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَيُّ شَيْءٍ يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ بِرِّهِمْ؟ وَفِي كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَهُمْ؟ قَالَ: اللُّطْفُ وَالسَّلَامُ. وَفِي الْحَدِيثِ: بُلُّوا أَرْحَامَكُمْ وَلَوْ بِالسَّلَامِ. اهـ
وقال القاضي عياض رحمه الله: وللصلة درجات، بعضها أرفع من بعض، وأدناها ترك المهاجرة، وصلتها بالكلام ولو بالسلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة. فمنها واجب، ومنها مستحب، ولو وصل بعض الصلة، ولم يصل غايتها لا يسمى قاطعا، ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له أن يفعله لا يسمى واصلا. نقله العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري - (17 / 277)
وعليه؛ فما دام هؤلاء الأولاد لا يقطعون أختهم، فلا إثم عليهم، وأحرى ألا يكون على الأب إثم في ذلك، ولا ينبغي له أن يعنفهم، أو يقطعهم حتى يصلوا أختهم تمام الصلة، لكن ينصحهم، ويبين لهم فضل الصلة، وثواب الاجتهاد فيها.
وعلى الأولاد أن يطيعوا أباهم في صلة أختهم، ويحسنوا إليها، ويتوددوا إليها؛ براً بوالدهم، وصلة لرحمهم، وأكرم به من عمل صالح يحبه الله، ويثيب عليه أعظم الثواب، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ. متفق عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني