الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل من مات في حادث يعتبر شهيدا؟

السؤال

فقدت والدي ووالدتي وإخوتي في حادثة بالسيارة، وأنا جدا متأثر، وغير قادر على تصديق الأمر، وأقول ربما هذا حلم فقط، وغير ممكن أن أفقد كل أسرتي في نفس اليوم.
أسئلتي يا شيخ جزاك الله خيرا:
هل هذا البلاء أؤجر عليه؟ وهل سيعوضني الله خيرا؟ هل الموت يوم الجمعة ينجي من عذاب القبر؟ هل من مات في حادث يعتبر شهيدا؟ ماذا عليَّ أن أفعل لأتأقلم مع الأمر؟ هل الدعاء لهم بالجماعة يصلهم؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فإننا أولا نعزيك فنقول: إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فاصبر واحتسب. ونسأل الله أن يعظم أجرك، ويغفر لموتاك.

ولا شك أنك لو صبرت لله تعالى، فإن الله عز وجل سيثيبك على صبرك الثواب العظيم، قال الله تعالى: { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } سورة البقرة، وقال سبحانه وتعالى { ... إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10) } سورة الزمر، وأخبر سبحانه أنه لا يضيع أجر المصابين فقال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {يوسف:90}.

فاصبر أخي السائل، وأبشر بثواب الله تعالى، وبالخير الذي سيعوضك إياه؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ، فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللهُ: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 156]، اللهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَخْلَفَ اللهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا. رواه مسلم.
والموت يوم الجمعة أو ليلتها من علامات حسن الخاتمة؛ لما رواه الترمذي وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ إِلَّا وَقَاهُ اللَّهُ فِتْنَةَ القَبْرِ. وحسنه الألباني وانظر الفتوى رقم: 73804 وأما هل يعتبر من مات في حادث سير شهيدا فقد تقدم جوابه في الفتوى رقم: 269464.

ودعاؤك لهم يصلهم بإذن الله تعالى، وينتفعون به؛ سواء في صلاة الجماعة أو غيرها، قال النووي في شرح مسلم: الدعاء يصل ثوابه إلى الميت، وكذلك الصدقة، وهما مجمع عليهما. اهـ، وقال أبو جعفر الطحاوي في عقيدته: وفي دعاء الأحياء وصدقاتهم منفعة للأموات، والله تعالى يستجيب الدعوات ويقضي الحاجات. اهـ.
قال ابن أبي العز في شرحه: دل على انتفاع الميت بالدعاء إجماع الأمة على الدعاء له في صلاة الجنازة، والأدعية التي وردت بها السنة في صلاة الجنازة مستفيضة، وكذا الدعاء له بعد الدفن. اهـ

وانظر مشروعية الدعاء للموتى في الفتوى رقم: 76733.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني