الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجب طاعة الأب في عدم الذهاب لصالونات الحلاقة؟

السؤال

ما حكم الحلاقة في صالونات الحلاقة، مع رفض الأب، مبررا ذلك بالخوف من انتقال أمراض مثل الإيدز، مع أني أقدر على تفادي ذلك -بإذن الله- باصطحاب الأدوات الخاصة بي، وانتهى الأمر.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فطاعة الوالد واجبة في المعروف، ومن ذلك ألا يكون منشأ أمره مجرد الحمق أو السفه، بل يكون له غرض صحيح، أو منفعة معتبرة فيما يأمر به، حتى وإن شقَّ ذلك على الابن، ما لم يصل لحد الإضرار به. وراجع في تفصيل ذلك الفتويين: 76303، 96815.
وما ذكره السائل في شأن الحلاقة، نرى أنه يتوفر فيه ضابط وجوب الطاعة؛ لأن انتقال الأمراض في محالِّ الحلاقة أمر مشهور. وبالتالي، فأمر الوالد لابنه بعدم الذهاب إليها، فيه مصلحة ومنفعة معتبرة.

وأما ما ذكره الابن السائل من إمكانية تفادي العدوى -بإذن الله- باصطحاب الأدوات الخاصة به! فهذا وإن كان مفيدا في تقليل فرص العدوى، إلا إنه قد لا يمنعها بالكلية؛ لأن ما ذكره المتخصصون عن مخاطر العدوى في محالِّ الحلاقة لا يقتصر على أدوات الحلاقة نفسها، بل إن كرسي الحلاقة نفسه قد ينقل بعض مسببات المرض؛ لكثرة واختلاف من يستعمله، فضلا عن بيئة المكان نفسه وسلامة مرتاديه جميعا من الأمراض المعدية التي تنتقل عن طريق اللمس، أو التنفس. فضلا عن الحلاقين أنفسهم ومدى عنايتهم بنظافة أيديهم وأظافرهم، التي يمكن أن تكون هي الناقل المباشر لمسببات الأمراض. وهذا كله يتفاوت من مكان لآخر ومن بيئة لأخرى.

والمقصود هو بيان أن هذا الأمر من الوالد له وجهته وما يبرره، وله فيه مصلحة معتبرة وغرض صحيح.
وعلى أية حال، فبإمكان السائل أن يناقش الأمر مع أبيه بطريقة مهذبة تليق بمكانة الوالد، فإن أذن له، وإلا فليطعه برا به وإحسانا إليه، كما أمر الله فقال: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [النساء: 36] وقال: قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الأنعام: 151]، وقال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الإسراء: 23] وقال: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا [الأحقاف: 15].
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني