الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام إنشاء المشاريع الخيرية وأخذ الأجرة عليها ونسبة الأجرة

السؤال

متعكم الله بالصحة والعافية، وزادكم علما وتقوى. أرفع لنظركم الكريم استفتائي هذا، وفيه ملخصاً أني ــ ممن يرجو أن يكون من طلبة العلم أو محبيه ــ بعثتُ قبل أكثر من 15 سنة للعمل في مجال الدعوة والتعليم بإحدى الدول الآسيوية ذات الأقلية المسلمة، فأتاحت لي هذه الفرصة المعرفة بأحوال هذه البلاد فيما يخدم المسلمين وأحوال ما جاورها بعد حصولي على الإقامة فيها.
ولا يخفى عليكم تغيّر الأحوال في الآونة الأخيرة، وتقلّص الأعمال مع حاجة المسلمين هناك، وحاجة كثير من الأفراد الموسرين للأجر بنفع إخوانهم، فدعت الضرورة لتبني فكرة إنشاء مكتب خدمات عامة ومقاولات وبترخيص رسمي من الدولة نفسها ، تنحصر مهمته في تنفيذ المشاريع الإنشائية الخاصة ببعض الأفراد الزائرين كبناء المساجد، وحفر الآبار، وكل ما يلحق بنفع المسلمين وفقرائهم، ومن غير خروج عن الأنظمة التي فرضها ولاة الأمور فيما يخص العمل الخيري الخارجي، وبعيدا عن كل ما فيه شبهة إرهاب . كما ينوب المكتب أصحاب هذه المشاريع ــ زيادة على تنفيذها ـ تحري إقامتها في المكان المناسب من حيث الحاجة إليها، وألا تكون مأوى لصاحب بدعة كحال مشاريع المساجد، ويضاف إلى ذلك متابعة مراحل الإنجاز والتشغيل مع جودة العمل وبأقل تكلفة ممكنة، خاصة وقد شاع تفشي الغش في هذا المجال وانعدام الثقة.
وبعد التحفيز الذي وجدته من الكثيرين لتولي أداء هذه المهمة استحسـنت الدخول فيها، إلا أن ثمة أمور متعلقة بالمقابل الدنيوي والأخروي لهذا العمل أوقفتني، وأردت التثبت بمعرفة الموقف الشرعي منها، وقد أوجزتها في هذه الاستفتاءات وهي كالتالي:
1/ هل يكون المكتب مشاركاً في أجر وثواب هذه المشاريع مع ما يأخذه من فائدة مادية؟
2/ وهل تعتبر النسبة التي يستقطعها المكتب من المشاريع كسباً حلالاً طيباً لا شبهة فيه؟
3/ وهل لهذه النسبة حد معين لا تتعداه ، وما الضابط في هذه الاستقطاع؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمثل هذا المكتب المرخص رسميا من الدولة لعمل الخدمات العامة والمقاولات ونحو ذلك، معلوم أنه يتقاضى أجرا على ذلك، ولا يقتصر في المال الذي يأخذه على قيمة التكلفة، بل يكون له نسبة من الربح. وإذا كان الأمر كذلك فلا إشكال في حِلِّ هذه الأجرة، وهذا الربح. وليس هناك حد شرعي لقدره يحرم تجاوزه، وإنما الأمر يعتمد على التراضي والاتفاق بين طرفي العقد، وراجع في ذلك الفتاوى التالية: 33558، 108071، 111934.

ويبقى السؤال الأول - وهو الأهم - وجوابه: أنه لا ريب في كون التبرع والتطوع بمثل هذا العمل هو الأفضل والأكمل للثواب، إلا أن ذلك لا ينفي حصول أصل الثواب لمن حسنت نيته، واحتسب الأجر في القيام بتنفيذ هذه المشاريع الخيرية بأمانة وإتقان، وإن تقاضى عليه أجرا ماديا، فلكلٍّ درجات مما عملوا، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا. والشأن في ذلك شأن كل أعمال البر التي ينال صاحبها شيئا من المال، فهذا ينقص الثواب، ولكنه لا ينفيه بالكلية. وراجع للفائدة عن ذلك الفتويين: 151663، 274813.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني