الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجته تحب غيره.. المشكلة.. والعلاج

السؤال

لقد مر أكثر من 10 سنوات على زواجي، وبعدها اكتشفت صدفة أن زوجتي تحب شخصا آخر عن طريق الإنترنت، ولنا من الذرية بنتان سنهما: 8 سنوات، وخمس سنوات.
السؤال هنا: أنا في بلد بعيد عن موطني. فما العمل وبماذا توصونني؟ الطلاق هو الحل الأقرب لي، ولكن ماذا أقول لبنتي عن والدتهما بعد الانفصال؟ وماذا سيحصل لبنتي بعد الطلاق؟ إنها تطلب الصفح والمغفرة، وأنا لا أستطيع؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن إقامة المرأة علاقة عاطفية مع رجل أجنبي عنها، أمر منكر، وباب من أبواب الفساد، ولذلك حرمه الرب تبارك وتعالى، فنهى عن اتخاذ الأخدان، فقال سبحانه: مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ {النساء:25}، والأخدان هم الأخلاء.

والأمر أشد في حصول ذلك من امرأة ذات زوج، فذلك مما يعظم به الإثم؛ لما فيه من الجناية على حق الزوج. ومن حقه عليها أن تحفظه في نفسها، وقد قال تعالى في وصف المؤمنات: فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ {النساء:34}.

نقل أهل التفسير عن السدي وغيره، أنه قال في معنى: "حافظات للغيب": أي تحفظ زوجها في غيبته في نفسها، وماله.

وقال البخاري في كتاب التفسير من صحيحه: [حافظات للغيب] صائنات لنفوسهن في غيبة أزواجهن، كما يصنها في حضرتهم. [ بما حفظ الله] كما أمر الله تعالى، ومقابلة لوصية الله تعالى بهن، وأمره الرجال بحفظهن والإحسان لهن. اهـ.
وننصحك بالتريث في الأمر وعدم التعجل إلى طلاقها، فالطلاق آثاره وخيمة في الغالب، خاصة وأنك قد رزقت منها بهاتين البنتين. وكونها تطلب منك العفو والمسامحة، أمر طيب، ولكنه لا يكفي في توبتها، بل يجب عليها أن تستوفي شروط التوبة المبينة في الفتوى: 5450.

فإن تابت وحسنت سيرتها، وغلب على ظنك صدقها؛ فأمسكها عليك، وأحسن صحبتها، وانظر في الأسباب التي دعتها لفعل ذلك وحاول التغلب عليها، ومنعها من الوقوع فيها، وإن كان بعضها منك فعالجه، فلربما تكون على سبيل المثال مقصرا في بعض حقوقها الزوجية.

وإن كنت تقيم في غير البلد الذي تقيم هي فيه، فينبغي أن تبحث عن سبيل لجمع شمل الأسرة باستقدام أهلك إليك، أو رجوعك إلى البلد الذي هي فيه.

وإن تبين لك عدم صدقها في توبتها، واستمرارها في هذه العلاقة وأمثالها، فطلقها، ولا خير لك في إبقائها في عصمتك، فالأمر متعلق بالدين والعرض.

قال ابن قدامة في المغني، وهو يعدد أحكام الطلاق: والرابع: مندوب إليه، وهو عند تفريط المرأة في حقوق الله الواجبة عليها، مثل: الصلاة ونحوها، ولا يمكنه إجبارها عليها، أو تكون له امرأة غير عفيفة... اهـ.

وإن قدر أن سألتك البنتان والحالة هذه عن سبب الفراق، فلا تذكر لهما حقيقة الأمر، بل استخدم من الألفاظ العامة ما يتحقق به الغرض، كأن تبين أن هذا قدر من الله تعالى ونحو ذلك.

والأصل أن حضانة البنتين لأمهما ما لم تتزوج، أو يقم بها مانع كالفسق، فإنه مسقط لحق الحضانة، كما هو مبين في الفتوى: 197181. وإذا سقطت الحضانة عن الأم، انتقلت إلى من هي أولى بهما بعدها كأم الأم، وانظر الفتوى: 6256، ففيها بيان ترتيب من يستحقون الحضانة.

ولكي تنشأ البنتان نشأة حسنة، ينبغي أن تتعاهدهما بالتوجيه والرعاية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني