الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من استأجر أرضا للبناء وانتهى العقد فهل للمالك الاستيلاء عليه؟

السؤال

قدمنا لاستثمار أرض من جهة رسمية، واتفقنا على ما يلي:
1- أن تقدم هذه الجهة لنا أرضًا، ونحن نبني عليها محلات من أموالنا الخاصة، على أن ندفع لها مبلغًا من المال، مقداره مائة ألف ليرة سورية ثمن الاستثمار، وعندما بدأنا بالعمل كنا ندفع شهريًّا ألفي ليرة سورية.
2- مدة العقد ثلاث سنوات قابلة للتجديد، وعندما طلبنا منهم توثيق ذلك في عقود رسمية، قالوا لنا: "بعد بناء المحلات وتجهيزها، نسوي لكم العقود جميعًا، ونوزّعها عليكم"، ويوجد شهود على هذا الكلام.
وبعد أن بنينا المحلات، وبدأنا بالعمل، جاءت إدارة جديدة، وأعطتنا عقودًا مضمونها: أن البناء والأرض لها.
وبعد انتهاء الثلاث سنوات جاءت إدارة جديدة، وتريد أن تستولي على المحلات دون تعويض ثمنها، فهل هذه العقود صحيحة من الناحية الشرعية؟ وهل يحق لهم أخذ المحلات؟ جزاكم الله الجنة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا كان واقع السؤال أنكم استأجرتم الأرض للبناء عليها، والانتفاع بها مدة محددة قابلة للتجديد، وبأجرة معلومة، فالعقد صحيح.

وعلى هذا؛ فالبناء ملك لكم، وليس للإدارة الجديدة أن تنتزعه منكم، وكون الإدارة الأولى التي اتفقتم معها لم توثق العقد، فهذا لا يبيح لغيرها من الإدارات الاعتداء على حقكم، ومصادرة ما بنيتم على الأرض دون عوض.

لكن لا يلزم الإدارة الجديدة تجديد العقد بعد انتهاء الثلاث سنوات.

وحينئذ إما أن تتفقوا مع الإدارة على أن تعوضكم عن البنيان لتنتفع هي به، إذا لم ترض تجديد العقد، وإما أن تزيلوا بنيانكم، جاء في الموسوعة الفقهية: فمن استأجر أرضًا للبناء وغرس الأشجار، ومضت مدة الإجارة، لزم المستأجر أن يقلع البناء والغرس، ويسلمها إلى ربها فارغة؛ لأنه يجب عليه ردها إلى صاحبها غير مشغولة ببنائه وغرسه؛ لأن البناء والغرس ليس لهما حالة منتظرة ينتهيان إليها، وفي تركهما على الدوام -بأجر، أو بغير أجر- يتضرر صاحب الأرض، فيتعين القلع في الحال، إلا أن يختار صاحب الأرض أن يغرم له قيمة ذلك مقلوعًا ويتملكه، وذلك برضى صاحب الغرس والشجر، إلا أن تنقص الأرض بقلعهما؛ فحينئذ يتملكهما بغير رضاه، أو يرضى بتركه على حاله، فيكون البناء لهذا، والأرض لهذا؛ لأن الحق له، فله ألا يستوفيه، هذا مذهب الحنفية.

وعند الحنابلة: يخير المالك بين تملك الغراس والبناء بقيمته، أو تركه بأجرته، أو قلعه وضمان نقصه، ما لم يقلعه مالكه. ومثل ذلك مذهب الشافعية، إلا إذا كان صاحب الأرض شرط القلع عند انتهاء المدة، فإنه يعمل بشرطه.

وعند المالكية: يجبر صاحب الغرس على القلع بعد انتهاء المدة، ويجوز لرب الأرض كراؤها له مدة مستقبلة. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني