الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نشوز المرأة للمطالبة بمسكن قريب من أهلها

السؤال

تركت زوجتي بيت الزوجية، ورفضت العودة؛ بحجة أنها تريد منزلًا في محل سكن أهلها، وذلك منذ ثلاث سنوات، وأنا أبذل وأسلك كل الطرق للإصلاح، ولكن دون جدوى، حتى تقطعت كل حبال الوصل بيني وبينها، بسبب تعنتها، وأهلها، ولي منها أولاد صغار في حضانتها، لم تعلمهم حتى اسم أبيهم، رغم أنني أنفق عليها، وعلى أبنائي منذ مغادرتها إلى اليوم.
السؤال: إنني قد عزمت، وقررت أن أطلقها، ولكن تكاليف طلاقها كبيرة، ولا أملكها حاليًّا، فهل أُمضِي الطلاقَ، وأطلب الرزق من الله، أم أصبر حتى يوسع الله عليَّ وأطلقها، وأعطيها مستحقاتها من مؤخر صداق وخلافه؟
وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كانت زوجتك تركت بيت الزوجية، وذهبت لأهلها؛ لمجرد مطالبتها بمسكن قريب من أهلها، فإنها آثمة بذلك؛ فلا يجوز للمرأة أن تخرج من بيت زوجها بغير إذنه، إلا لعذر شرعي، كما بين ذلك أهل العلم، ويمكن أن تراجع الفتوى: 124042.

ولها عليك المسكن المناسب، وفي المكان المناسب، الذي تأمن فيه على نفسها، سواء كان قرب أهلها أم بعيدًا عنهم، ولمعرفة مواصفات بيت الزوجية، راجع الفتوى: 66191.

وإن لم يكن في توفير البيت الذي تطلب زوجتك كلفة وحرج، فافعل.

وإذا تدخل أهل زوجتك بينك وبينها، فينبغي أن يكون على سبيل الإصلاح، ولا يتدخلون لإفسادها، وتحريضها عليك، فقد جعل الشرع المرجعية إليهم، قال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا {النساء:35}.

ولا تعجل للطلاق، بل وسِّطِ العقلاءَ، وأهلَ الفضل، ولو كانوا من غير أهلك وأهلها؛ ليجتهدوا لتحقيق الإصلاح، هذا مع الاستعانة بالله عز وجل، والتضرع إليه، فقد ندب الله عز وجل إلى الإصلاح، فقال: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ {النساء:128}.

فإن تم، فالحمد لله، وإن لم يتم، وكانت راغبة في الطلاق، فيمكنك أن تشترط عليها أن يكون هذا الطلاق في مقابل تنازلها عن هذه الحقوق التي لها عليك، قال تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ {البقرة:229}، وانظر لمزيد الفائدة الفتوى: 8649.

وإن لم تكن راغبة في الطلاق، فيمكنك أن تبقيها في عصمتك، وتستمر في محاولة الإصلاح، أو تطلقها ويكون ما لها عليك من حق دينًا في ذمتك، تقضيه لها متى ما تيسر لك ذلك، قال تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:280}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني