الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوضوء والصلاة مع وجود دم داخل الأنف

السؤال

أنزف في بعض الأحيان، وبعد انتهاء النزيف يكون هناك دم متجلط في الأنف، قد أعلم به وقد لا أعلم، ولكني لا أستطيع إخراجه؛ حتى لا يبدأ النزيف مجددًا بعد النزيف مباشرة، فهل يصح وضوئي وصلاتي بوجوده؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالنجاسة الموجودة داخل الأنف، يجب غسلها؛ لأن داخل الأنف له حكم ظاهر الجسد في هذه المسألة، جاء في شرح الخرشي على مختصر خليل المالكي: يعني أن إزالة النجاسة مطلوبة عن بدن المصلي الظاهر، وما هو في حكمه؛ كداخل الأنف، والأذن، والعين، كمكتحل بمرارة خنزير، فيغسل داخل عينيه. انتهى. وفي الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع للشربيني الشافعي: (و) طهارة (النجس) الذي لا يعفى عنه في ثوبه، أو بدنه حتى داخل أنفه، أو فمه، أوعينه، أو أذنه، أو مكانه الذي يصلي فيه؛ فلا تصح صلاته مع شيء من ذلك، ولو مع جهله بوجوده، أو بكونه مبطلًا؛ لقوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}، وإنما جعل داخل الأنف، والفم هنا كظاهرهما، بخلاف غسل الجنابة؛ لغلظ أمر النجاسة، بدليل أنه لو وقعت نجاسة في عينه، وجب غسلها، ولا يجب غسلها في الطهارة. انتهى.

وبناء على ما سبق؛ فإن الدم الموجود داخل الأنف، لا تجزئ الصلاة مع وجوده, ولا بدّ من غسله, فإن غسلته وحصل نزيف, فانتظر انقطاع الدم، ما لم يخرج وقت الصلاة, ثم تغسله, وتصلي.

فإن كان الدم متواصلًا، لا ينقطع قبل خروج وقت الصلاة، فإنك تصلي مع وجوده, وصلاتك صحيحة، جاء في التاج والإكليل للمواق المالكي: ابن رشد: إن كان الرعاف لا ينقطع، صلى صاحبه الصلاة به في وقتها على حاله التي هو عليها، أصل ذلك صلاة عمر حين طعن، وجرحه يثعب دمًا. ابن رشد: وإن كان الرعاف غير دائم، فإن أصابه قبل أن يدخل في الصلاة، أخّر الصلاة حتى ينقطع عنه، ما لم يفته وقت الصلاة المفروضة. انتهى.

وفي حال ما إذا أديت بعض الصلوات مع وجود نجاسة الدم جهلًا, فلا إعادة عليك على أصح قولي العلماء, كما سبق تفصيله في الفتوى: 123577.

لكن إذا كان الدم المذكور في حدود اليسير المعفو عنه، فلا يجب غسله, وتجزئ الصلاة مع وجوده.

ويسيرُ الدم المعفوُّ عنه، حدده بعض أهل العلم بكونه قدر مساحة درهم بغلي، وهي المساحة السوداء التي تكون داخل ذراع البغل، كما في الفتوى: 97095.

بينما حدَّده بعض أهل العلم باليسير المتعارف عليه عند الناس، وراجع الفتوى: 18639.

أما وضوؤك، فإنه صحيح على كل حال, فإن الوضوء لا يبطل بخروج الدم من غير السبيلين: (القُبُل, والدّبُر)، ولو كثيرًا، على الراجح من كلام أهل العلم، وانظر الفتوى: 27157.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني