الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توفيت عن ثلاثة أبناء وبنتين وإخوة وأوصت بتسبيل برادة ماء

السؤال

الرجاء حساب الميراث، بناء على المعلومات التالية:
- للميت ورثة من الرجال:
(ابن) العدد 3
(ابن ابن) العدد 4
(أخ شقيق) العدد 1
(أخ من الأب) العدد 1
(ابن أخ من الأب) العدد 6
- للميت ورثة من النساء:
(بنت) العدد 2
(بنت ابن) العدد 2
(أخت من الأب) العدد 1
- وصية تركها الميت تتعلق بتركته: لم تكتبها، ولكن كانت أحيانًا، ونحن جالسون حولها، تقول: لا تنسوا أن تجعلوا لي برادة ماء سبيل في المكان الفلاني.
- معلومات عن ديون على الميت:
(وجبت الزكاة في ماله، ولم يخرجها)
(كفارات، ككفارة يمين، ونحوها)
(ديون)
- إضافات أخرى:
للمتوفاة ابن، وكان وقت قسمة تركة أبيه رجلًا كبيرًا متزوجًا، أراد أموالًا أكثر، فرفضوا؛ فتوعد بتعطيل البيع، وقال لأمّه: أعطني هذه الأموال من نصيبي في ميراثك وهي حية، فقالت له مكرهة: سأعطيك، وليس لك ميراث فيّ بعد ذلك، وكتب ورقة بذلك، كما أن أبناءها يريدون أن يخرجوا وصية سقيا الماء بئرًا في إفريقيا، بدلًا من برادة ماء في المكان الذي أوصت به والدتهم؛ لأن الماء منتشر فيه ووافر، فما الحكم؟
أحد أبنائها كان قد صرف عليها أموالًا قبل وفاتها، وكانت ترفض بشدة؛ لأنها تريد أن تصرف على نفسها من مالها، ولكن البيع تعذر، فقال لها: سآخذ ما صرفت عليك من المال بعد البيع، وبعدها بسنة، سمعته يقول: إنه سامح في ذلك المال، ولا يريده، فهل يعد ذلك دينًا يخصم من الميراث قبل القسمة أم لا؟
وإحدى بناتها عليها زكاة سابقة، يفترض أن تؤديها، ولكن لا مال معها، وتريد أن تتنازل عن ميراثها لعمل بئر صدقة لأمّها، فهل يجوز ذلك، أم يجب أن تؤدي الزكاة، ثم تتصدق بالباقي وجوبًا قطعيًّا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فيجب أولًا قبل قسمة التركة على مستحقها، أن يتم سداد الدَّين الذي على الميت، ويخرج أيضًا من التركة ما يحج به عن الميت، وكذا تخرج الكفارات التي عليه، والزكاة؛ لأن هذه ديون على الميت، وهي مقدمة على حق الورثة في المال، كما بيناه في الفتوى: 6159.

وإن ضاقت التركة عن الجمع بين سداد دَين الآدمي، وبين الدَّين المتعلق بحق الله تعالى، كالزكاة، والكفارات، والحج عنه، فقد تعددت أقوال الفقهاء في أي الدينين يقدم: حق الله تعالى، أم حق العباد؟ وقد ذكرنا أقوالهم في الفتوى: 135663؛ فراجعها.

ثم إن بقي شيء من التركة بعد إخراج تلك الحقوق، أخرج منها الوصية المذكورة "برادة ماء"، فيشترى لها من تركتها برادة ماء؛ بحيث لا تزيد قيمتها عن ثلث التركة، وتوضع حيث أوصت.

وأما حفر بئر بدل شراء ثلاجة: فإذا كان حفر البئر أنفع من ثلاجة الماء، فلا نرى حرجًا في تغيير الوصية إلى حفر البئر بدل شراء الثلاجة، والمفتى به عندنا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه يجوز تغيير شرط الواقف، لما هو أكثر مصلحة، وأعظم أجرًا، كما بيناه في الفتوى: 188337.

وإذا لم يترك الميت من الورثة إلا من ذُكِرَ: فإن التركة للأبناء الثلاثة، والبنتين تعصيبًا، للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء:11}، ولا شيء لأبناء وبنات الابن، والإخوة، وأبنائهم، ولا شيء للأخوات؛ لأنهم جميعًا لا يرثون مع وجود الابن، بل يُحجبون به حجب حرمان، فتقسم التركة على ثمانية أسهم، لكل ابن سهمان، ولكل بنت سهم واحد.

والبنت التي في ذمتها زكاة سابقة، ليس لها أن تتصدق بصدقة تطوع -لا من نصيبها في الميراث، ولا من غيره- قبل إخراج الواجب عليها من الزكاة، ومن المعلوم أن الفرض مقدم على النفل.

وأما ما ذكرتَه مما جرى بين الابن وأمّه من الحقوق، فلا يمكننا الإفتاء به؛ إذ يتطلب هذا سماع جميع الأطراف، وهذا متعذر، فننصحكم بمشافهة أحد أهل العلم الثقات بهذا الجزء من السؤال.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني