الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاغتراب أم العمل في بنك ربوي بعرض مغرٍ

السؤال

أرجو الرد ليس بالتيسير، ولكن بعقل منفتح. أنا كان عندى عرضان؛ الأول: عمل في البنك الأهلي المصري، وطبعا الناس يحرِّمونه، وفي الأزهر وعلي جمعة وطنطاوي يحللونه. ولكني لما استمعت للفريقين لم أقدر فعلا أن أقرر. والثاني عرض عمل في السعودية، وأنا من مصر، فسأتغرب عن أهلي، وهذا طبعا له ثمن. وموضوع ربا البنوك ممكن يكون من الأمور التي عليها خلاف، والواحد يأخذ بالأيسر. فهل ممكن بعد فترة الشيوخ يرجعون في كلامهم، ويقولون البنوك حلال؛ لأنها ضرورة في العصر الذي نعيش فيه. وأخيرا أنا اخترت العمل في السعودية، وتركت البنك؛ لأني أعلم أني سأظل موسوسا وقلقًا وخائفا من محاسبة الله لي على اختياري. ولكني قلق، وأبي طبعا متضايق جدا؛ لأن العمل في البنك حاليا فرصة كبيرة لا تعوض، ومرتبه جيد، وفيه مميزات كثيرة، ومعاش كبير، و 1500000 مكافأة نهاية خدمة، بصراحة فرصة لن تتكرر. وأنا بصراحة شخصيتي ضعيفة ومهتزة، ولا أدري ماذا أفعل، وأخشى أن أكون ضيعت فرصة لن تتكرر، وأنا كنت من الممكن أقبل بها بدل السفر، والبعد عن أهلي.
شكرا لكم على محاولة المساعدة في كل الأحوال.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالعمل في البنوك الربوية غير جائز لما فيه من الإعانة على الحرام، فالربا من أكبرالكبائر التي توجب اللعن، ففي صحيح مسلم عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ. وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ.
قال النووي -رحمه الله- في شرح مسلم: هذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابيين، والشهادة عليهما. وفيه تحريم الإعانة على الباطل. انتهى.
لكن إن كان الشخص مضطرا إلى العمل في البنك الربوي، بحيث لا يجد عملاً آخر، ولا وسيلة للكسب الحلال يسد بها حاجاته الأصلية سوى العمل في البنك الربوي، فيجوز له العمل للضرورة حتى يجد سبيلاً آخر، وانظر حد الضرورة المبيحة لمثل هذا العمل، في الفتوى: 145987.
وعليه؛ فقد أصبت وأحسنت بعدم قبول العمل في البنوك الربوية، وإيثار العمل المباح، ولو كان في بلاد بعيدة، ولا ينبغي أن تكون متردداً أو خائفاً بسبب هذا الاختيار، فقد آثرت آخرتك على دنياك، فأبشر بكل خير -بإذن الله- فلن يضيعك الله، قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {يوسف:90}.

وللفائدة ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني