الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دفع الزكاة للأخ الفقير وللأخت المحتاجة لعملية جراحية

السؤال

سؤالي عن زكاة المال: أعمل خارج الوطن، ووالدي متوفى، ولديّ 3 أخوات، أصغرهنّ عمرها 49 سنة، غير متزوجات، و3 إخوة، اثنان يعملان، والآخر لا يعمل، وكلهم يسكنون في منزل بالإيجار مع والدتي، وأخي الأكبر هو الذي يتكفل بمصاريف الكراء، والماء، والكهرباء، ويعين في مصاريف الأكل، والأخ الآخر الذي يعمل، ينفق على حسب قدرته، وأنا أعطي والدتي شهريًّا مبلغًا من المال؛ حتى تعين أخي الأكبر على مصاريف الأكل، وأعطي أخواتي، وأخي الذي لا يعمل أحيانًا بعض المال، لكنه ليس شهريًّا، ولا يسدّ كل حاجياتهم من لباس، وطبيب، ودواء، فهل يجوز أن أعطي زكاة المال أخواتي؛ لأنهنّ لا يعملن، وليس لديهنّ أزواج، أم إنهنّ مثل الأم في وجوب نفقتهنّ، وفي هذه الحالة لا يجوز إعطاؤهن زكاة مالي؟ وهل يجوز أن أعطي منها أخي الذي لا يعمل؟
أخبركم أني في السنة الماضية سألت المشايخ: فمنهم من قال لي: إنه لا يجوز أن أعطي أخواتي؛ لأن نفقتهنّ واجبة عليّ، ومنهم من قال لي: المسألة فيها تفصيل: فإن كن لا يجدن عملًا، ويصعب الحصول على عمل، فيجوز لك إخراج الزكاة عليهنّ.
أما بالنسبة لأخي الذي لا يعمل، فقالوا لي: أعطه هذه المرة فقط، أي عن السنة الماضية، ويجب عليه أن يبحث عن عمل، وهو من حين لآخر يبحث عن عمل، ولا يجد ما يناسبه.
أعطيت السنة الماضية الزكاة لأخي، وأخواتي، وهذه السنة أختي الكبيرة مقبلة على عملية جراحية، وأعلم أن الزكاة لن توفر لها كل حاجياتها، ولن أتخلى عنها، فهل يجوز إعطاؤها من الزكاة، سواء كانت مريضة، أم في صحة جيدة؟
أريد أن أعرف معنى الإنفاق: هل هو أن تسد كل حاجيات المحتاج من أكل، ولباس، ودواء، وذهاب عند الطبيب؟ فمثلًا إذا أعطيت أخواتي مبلغًا من المال يقتسمنه شهريًّا، لا يسد كل حاجياتهنّ، فهل يعد ذلك إنفاقًا، يمنع إعطاءهنّ من زكاة المال؟ أفيدوني -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فالذي نفتي به هو أنه يجوز لك أن تدفع الزكاة لأختك من أجل إجراء العملية، بشرطين: أولهما: أن تكون نفقتُها غيرَ واجبةٍ عليك، - ونفقتها تجب عليك، إذا كُنتَ غنيًّا، ووارثًا لها لو ماتت-.

ثانيهما: أن لا تملك هي ثمن العملية الجراحية؛ لأن المريض الذي لا يملك ثمنَ العلاجِ: دواءً، أو عمليةً جراحية، يُعد فقيرًا، ومصرفًا من مصارف الزكاة، يجوز دفع الزكاة له، وقد ذكرنا هذا في الفتوى: 374431.

ومسألة جواز دفع الزكاة لأخيك المحتاج، أو أختك المحتاجة، مبينة على حكم إنفاقك عليهما هل هو واجب أم لا؟ فمن العلماء من يرى أنه لا تجب عليك نفقتهما، وهذا مذهب المالكية، والشافعية، فيجوز لك أن تدفع زكاتك لهما.

ومن العلماء من يرى أنه يجب عليك أن تنفق على من ترثه منهما لو مات، وكان عندك فاضل عن قوت نفسك، وهذا مذهب الحنابلة.

ولا نرى حرجًا عليك في الأخذ بقول المالكية، والشافعية في هذا، فهو قول معتبر، وفيه توسعة عليك، وعلى أخواتك، وإخوانك.

فمن كان منهم مصرفًا من مصارف الزكاة، فيمكنك أن تدفعها إليه، وانظر الفتوى: 28572.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني