الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ماهية العلقة المستخرجة من صدر النبي صلى الله عليه وسلم

السؤال

لقد رأيت في فتاوى مختلفة لكم أن معنى القلب في القرآن هو القلب المعنوي وليس الصنوبري، ولكن ما القول في حادثة شق صدر النبي، وأن جبريل قد أخرج علقة من قلبه.
وهل للشر علقة موجودة في القلب، ويمكن استخراجها؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنحن قد تكلمنا على هذا المعنى، وبينا أن القلب الذي وظيفته ضخ الدم ليس هو المشار إليه في النصوص، بدليل أن الشخص إذا نقل له قلب آخر لم تتحول عقيدته إلى عقيدة ذلك الشخص المنقول قلبه، وانظري الفتوى: 121550.

وأما ما استشكلتِه من أمر العلقة المأخوذة من صدر النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو من أمور الغيب التي مرد علمها وكيفيتها إلى الله تعالى.

وزيادة في البيان لهذه الواقعة العظيمة نقول: إن شق الصدر الشريف وقع مرتين، مرة وهو صغير بمكة، كما أخرجه مسلم في صحيحه، وهي التي أخرج جبريل فيها من قلبه علقة، وقال: إن هذا حظ الشيطان منه، ومرة ليلة عرج به، فغسل قلبه الشريف، وملئ حكمة وإيمانا.

وهذا الشق، وإخراج تلك العلقة على حقيقته، لا يتعرض له بتأويل، ولا يخاض في كيفيته لأنه من الغيب، ويدل على كونه حقيقة قول أنس: فكنت أرى أثر المخيط في صدره -صلى الله عليه وسلم-. وقوله في الحديث: فأخرج منه علقة، العلقة هي قطعة دم متجمد، فرماها عنه.

قال القرطبي: والعلق الدم، وهذه العلقة المنتزعة عنه هي القابلة للوساوس والمحركة للشهوات، فأزيل ذلك عنه، وبذلك أعين على شيطانه حتى سلم منه. اهـ

وقال السهيلي: هذه العلقة يحتمل أنها الجزء الذي يغمزه الشيطان من كل مولود إلا من عيسى وأمه عليهما السلام؛ لقول أمها {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ} ولا يدل ذلك أن عيسى - عليه السلام - أفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أزيل ذلك عنه وغسل أثره وملئ حكمة وإيمانًا. وقال القاضي عياض: ويحتمل أنها الجزء الذي يعلق بحب الدنيا وميل الشهوات ويعرض له السهو والنسيان وغير ذلك من طرق الشيطان، ويحتمل أنها الجزء القابل للوسوسة بتقدير العزيز العليم، فطرح ثم غسل أثره حتى لا يجد الشيطان إليه سبيلًا، كما طرحت عن يحيى - عليه السلام - شهوة النساء. اهـ وقال أيضًا: وإزالة حظ الشيطان يدل على عصمته منه في العلم والجسم وغير ذلك. انتهى بوساطة نقل صاحب الكوكب الوهاج.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني