الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

ابتليت بمرض أحتاج له دواءً آخذه ليلًا. من أعراضه الجانبية النوم لفترة لا تقل عن حوالي خمس ساعات ونصف إلى ست ساعات متواصلة، لا أستطيع تقليلها؛ لأنه يؤثر على الهيستامين، فحتى لو استطعت تقليلها بصعوبة شديدة أظل أعاني من الخمول، والنعاس الشديد، وعدم التركيز حتى أنام مرة أخرى، وقد يؤثر سلباً على حالتي المرضية أيضاً، وأنا -بفضل الله- محافظ على قيام الليل. وفي الشتاء يكون الليل طويلاً فليس هناك مشكلة، ولكن في الصيف يكون الليل قصيرا، فأستطيع اللحاق -إن شاء الله- بصلاة الفجر، ولكن سيضيع علي قيام الليل كل ليلة حتى يطول الليل مرة أخرى، وأنا أعرف أنه يمكن قضاء قيام الليل إن فاتني ليلة لمرض أو عذر، ولكن هل أستطيع قضاء قيام الليل كل يوم حتى ينتهي الصيف، ويطول الليل مرة أخرى؟ وهل سيصلح هذا في رمضان؟ أم ستفوتني فضيلة قيام الليل في رمضان؟ وإن لم ينفع فهل يصلح أن أطيل مثلاً في صلاة الضحى بقدر ما أطيل من قيام الليل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فإذا حال المرضُ دونك ودون قيام الليل، ولو لمدة طويلة ــ كمدة الصيف ــ ولولا المرض لقمته، فإننا نرجو أن يكتب الله تعالى لك أجر قيام الليل تلك المدة؛ لحديث: إِذَا مَرِضَ العَبْدُ، أَوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا. رواه البخاري وغيره.

ولم نظفر بنقلٍ عن الفقهاء فيمن نام مدة طويلة عن القيام هل يقضي نهارا ما فاته ليلا طوال تلك المدة أم لا؟ وعموم الحديث يدل على مشروعية القضاء ففي الحديث: مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ، أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، فَقَرَأَهُ فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَصَلَاةِ الظُّهْرِ، كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ. رواه مسلم. ولم يقيد الحديث هذا القضاء بيوم أو أيام.

وفي صحيح مسلم أيضا عن عائشةَ -رضي اللَّه عنها- قَالَتْ: كَانَ رسولُ اللَّه -صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم- إذَا فَاتَتْهُ الصَّلاةُ مِنْ اللَّيْلِ مِنْ وجعٍ أَوْ غيْرِهِ، صلَّى مِنَ النَّهَارِ ثنْتَي عشْرَةَ رَكْعَةً. رواه مسلم.

فلو صليت بالنهار تلك المدة ما فاتك فيها بالليل من القيام بسبب النوم، فلا نرى حرجا في ذلك، و: الصلاة خير موضوع. كما جاء عنه عليه الصلاة والسلام.

واحرص في رمضان على القيام بعد صلاة العشاء وقبل أن تنام، وإذا فاتتك فإن من الفقهاء من يرى مشروعية قضاء التراويح أيضا.

جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: صلاة التراويح التي فاتت لا يجب قضاؤها؛ لأنها نافلة، وإن صلى من النهار ما تيسر له كان أفضل؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا فاتته صلاته من الليل لنوم أو مرض صلى من النهار. اهــ، وانظر الفتوى: 202582. عن حكم قضاء صلاة التراويح.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني