الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يهين أولاده ويدعو عليهم بالشر

السؤال

والدي دائما يدعو عليَّ بالشر، وقلة التوفيق، والفقر، وأن أعيش فقيرا، وعدم النجاح في الحياة، ويتحدث عني للكبير والصغير، والقريب والبعيد؛ حتى أنه أثَّر على علاقتي بأمي، وهددها بالطلاق. وكل الناس تعلم بعلاقتي المتوترة مع والدي، وهذه الحكاية منذ الصغر.
صدقوني، ولا أزكي نفسي، لم أبدأ والدي بالعقوق، ونحن لا نتحدث، حتى أنه دائما يهينني أمام أبناء أخوالي الذين أفوقهم سنا. كذلك يدعو على أختي بعدم الزواج، وهو ما حصل مع تقدمها في السِّنِّ، ويدعو على أخي بعدم التوفيق والنجاح، وكل ما دعاه علينا يتحقق. فالحياة مريرة، حتى أني تركت الصلاة، واعتزلت الناس. ونحن لا نتحدث معه؛ لأنه لا يريد التواصل معنا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما ذكرته عن والدكم أمر غريب، وشيء عجيب، إذ الغالب في الوالد الحرص على مصلحة أولاده، والشفقة عليهم. ودعاؤه عليكم أمر منكر، جاءت السنة بالنهي عنه؛ لأنه قد يصادف ساعة إجابة.

روى مسلم عن جابر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء، فيستجيب لكم.

وإن كنت صبرت عليه، ولم تقابل إساءته بالإساءة، فقد أحسنت صنعا، وهذا هو المطلوب، بل من حقه عليك البر به، والإحسان إليه، مهما صدر عنه من الإساءة، وراجع فتوانا: 370030.

والصبر خير ما يتسلى به عند البلاء، هذا بالإضافة إلى الدعاء، والإكثار من الذكر؛ ليهدأ البال، وتطمئن النفس، وتكون الرَّوِيَّة، وحسن التصرف، فإن عدمت هذه الأمور، كان الحال الذي أنت عليه من الإحباط، واعتزال الناس، وترك الصلاة، وهذا هو الأخطر؛ فمن تركها ولو تكاسلا ذهب بعض أهل العلم إلى كفره، وخروجه من الملة. فهل ترضى ذلك لنفسك؟ وراجع الفتوى: 1145.

ومن أفضل ما تبره به: سعيك في سبيل إصلاحه بالدعاء له، وتسليط بعض الصالحين والفضلاء عليه، وليكونوا ممن ترجو أن يسمع لقولهم، وينفعه نصحهم؛ فلعل الله يوفقهم في هذا المسعى، وما ذلك على الله بعزيز.

ونوصيكم بالدعاء له بالهداية والصلاح عسى الله أن يستجيب لكم فيه، فينصلح حاله، ويرجع لرشده وصوابه.

ونوصيكم أيضا بالدعاء لأنفسكم، وسؤال الله عز وجل العافية من كل بلاء، ويمكن الاستفادة من الأدعية المضمنة في الفتوى: 221788.

ولا تيأسوا في سبيل البحث لأختكم عن الزوج الصالح، وإعانتها في هذا السبيل، وسيأتيها ما كتب الله لها، وما يدريكم أن يكون الله قد استجاب دعاء أبيكم عليها، فهذا من الغيب الذي لا يمكن الجزم به، فافعلوا ما عليكم من بذل الأسباب مستعينين بالله.

روى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني